ذكر حصر خوارزم شاه هراة وعوده عنها  
لما أرسل  خوارزم شاه  إلى  غياث الدين  في الصلح ، وأجابه عن رسالته مع  الحسين المرغني  مغالطا ، قبض  خوارزم شاه  على  الحسين  ، وسار إلى هراة  ليحاصرها ، فكتب  الحسين  إلى أخيه  عمر بن محمد المرغني  أمير هراة  ، يخبره بذلك فاستعد للحصار . 
وكان سبب قصد  خوارزم شاه  حصار هراة  أن رجلين أخوين ، ممن كان يخدم  محمدا سلطان شاه  ، اتصلا  بغياث الدين  ، بعد وفاة  سلطان شاه  ، فأكرمهما  غياث الدين  ، وأحسن إليهما ، يقال لأحدهما الأمير  الحاجي  ، فكاتبا  خوارزم شاه  ، وأطمعاه في البلد ، وضمنا له تسليمه إليه فسار لذلك ، ونازل المدينة وحصرها ، فسلم الأمير  عمر المرغني  أمير البلد ، مفاتيح الأبواب إليهما ، وجعلهما على القتال ثقة منه بهما ، وظنا منه أنهما عدوا   خوارزم شاه تكش  وابنه  محمد  بعده ، فاتفق أن بعض الخوارزمية أخبر  الحسين المرغني  المأسور عند  خوارزم شاه  بحال الرجلين ، وأنهما هما اللذان يدبران  خوارزم شاه  ويأمرانه بما يفعل ، فلم يصدقه ، وأتاه بخط الأمير الحاجي ، فأخذه وأرسله إلى أخيه  عمر  أمير هراة  ، فأخذهما واعتقلهما وأخذ أصحابهما . 
 [ ص: 186 ] ثم إن  ألب غازي     - وهو ابن أخت  غياث الدين     - جاء في عسكر من الغورية ، فنزل على خمسة فراسخ من هراة  فكان يمنع الميرة عن عسكر  خوارزم شاه  ، ثم إن  خوارزم شاه  سير عسكرا إلى أعمال الطالقان  للغارة عليها ، فلقيهم  الحسين بن خرميل  فقاتلهم ، فظفر بهم فلم يفلت منهم أحد . 
وسار  غياث الدين  عن  فيروزكوه  إلى هراة  في عسكره ، فنزل برباط رزين وبالقرب من هراة  ، ولم يقدم على  خوارزم شاه  لقلة عسكره لأن أكثر عساكره كانت مع أخيه بالهند وغزنة ، فأقام  خوارزم شاه  على هراة  أربعين يوما ، وعزم على الرحيل لأنه بلغه انهزام أصحابه بالطالقان  وقرب  غياث الدين  ، وكذلك أيضا قرب ألب غازي ، وسمع أيضا أن  شهاب الدين  قد خرج من الهند  إلى غزنة ، وكان وصوله إليها في رجب من هذه السنة ، فخاف أن يصل بعساكره فلا يمكنه المقام على البلد ، فأرسل إلى أمير هراة  عمر المرغني  في الصلح فصالحه على مال حمله إليه وارتحل عن البلد . 
وأما  شهاب الدين  ، فإنه لما وصل إلى غزنة  بلغه الخبر بما فعله  خوارزم شاه  بخراسان  ، وملكه لها ، فسار إلى خراسان  ، فوصل إلى بلخ  ومنها إلى باميان  ثم إلى مرو  ، عازما على حرب  خوارزم شاه  ، وكان نازلا هناك ، فالتقت أوائل عسكريهما ، واقتتلوا ، فقتل من الفريقين خلق كثير ، ثم إن  خوارزم شاه  ارتحل عن مكانه شبه المنهزم ، وقطع القناطر ، وقتل الأمير  سنجر  صاحب نيسابور    ; لأنه اتهمه بالمخامرة عليه ، وتوجه  شهاب الدين  إلى طوس  فأقام بها تلك الشتوة على عزم المسير إلى خوارزم  ليحصرها ، فأتاه الخبر بوفاة أخيه  غياث الدين  ، فقصد هراة  وترك ذلك العزم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					