ذكر آمد خرت برت ورجوعه عنها حصر صاحب
كانت خرت برت لعماد الدين بن قرا أرسلان ، فمات ، وملكها بعده ابنه نظام الدين أبو بكر ، والتجأ إلى ركن الدين بن قلج أرسلان ، وبعده إلى أخيه غياث الدين ليمتنع به من ابن عمه ناصر الدين محمود بن محمد بن قرا أرسلان ، فامتنع به .
وكان صاحب آمد ملتجئا إلى الملك العادل ، وفي طاعته ، وحضر مع ابنه الملك الأشرف قتال صاحب الموصل على شرط أنه يسير معه في عساكره ، ويأخذ له خرت برت ، وإنما طمع فيها بموت ركن الدين ، فلما دخلت هذه السنة طلب ما كان استقر الأمر عليه ، فسار معه الملك الأشرف وعساكر ديار الجزيرة من سنجار ، وجزيرة ابن عمر ، والموصل ، وغيرها ، وكان نزولهم عليها في شعبان ، وفي رمضان تسلموا [ ص: 207 ] ربضها ، وكان صاحبها قد اجتمع بغياث الدين ، بعد أن ملك البلاد الرومية ، وصار معه في طاعته ، فلما نزل صاحب آمد على خرت برت خاطب صاحبها غياث الدين ينجده بعسكر يرحلهم عنه ، فجهز عسكرا كثيرا عدتهم ستة آلاف فارس ، وسيرهم [ مع ] الملك الأفضل علي بن صلاح الدين وهو صاحب سميساط ، فلما وصل العسكر إلى ملطية فارق صاحب آمد ومن معه من خرت برت ، ونزلوا إلى الصحراء ، وحصروا البحيرة المعروفة ببحيرة سمنين وبها حصنان أحدهما لصاحب خرت برت ، فحصره وزاحفه ، ففتحه ثاني ذي الحجة .
ووصل صاحب خرت برت مع العسكر الرومي إلى خرت برت ، فرحل صاحب آمد عن البحيرة وقوى الحصن الذي فتحه فيها ، فأزاح علته ، ورحل إلى خلف مرحلة ونزل ، وترددت الرسل ، والعسكر الرومي يطلب البحيرة ، وصاحب آمد يمتنع من ذلك ، فلما طال الأمر بقي الحصن بيد صاحب آمد ، وانفصل العسكران ، وعاد كل فريق إلى بلاده .