ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ، في جمادى الآخرة ، الأمير طاشتكين مجير الدين ، أمير الحاج . بتستر وكان قد ولاه الخليفة على جميع توفي خوزستان ، وكان أمير الحاج سنين كثيرة ، وكان خيرا صالحا ، حسن السيرة ، كثير العبادة ، يتشيع .
ولما مات ولى الخليفة على خوزستان مملوكه سنجر ، وهو صهر طاشتكين زوج ابنته .
[ وفيها قتل سنجر بن مقلد بن سليمان بن مهارش ، أمير عبادة ، بالعراق . وكان سبب قتله أنه سعى بأبيه مقلد إلى ، فأمر بالتوكيل على أبيه ، ( فبقي مدة ) ، ثم أطلقه الخليفة ، ثم إن الخليفة الناصر لدين الله سنجر قتل أخا له اسمه . . . [ ص: 238 ] فأوغر بهذه الأسباب صدور أهله وإخوته ، فلما كان هذه السنة في شعبان نزل بأرض المعشوق ، وركب في بعض الأيام ومعه إخوته وغيرهم من أصحابه ، فلما انفرد عن أصحابه ضربه أخوه علي بن مقلد بالسيف فسقط إلى الأرض ، فنزل إخوته إليه فقتلوه .
وفيها تجهز غياث الدين خسرو شاه صاحب مدينة الروم ، إلى مدينة طرابزون ، وحصر صاحبها لأنه كان قد خرج عن طاعته ، فضيق عليه ، فانقطعت لذلك الطرق من بلاد الروم ، والروس ، وقفجاق وغيرها ، برا وبحرا ، ولم يخرج منهم أحد إلى بلاد غياث الدين ، فدخل بذلك ضرر عظيم على الناس ، لأنهم كانوا يتجرون معهم ، ويدخلون بلادهم . ويقصدهم التجار من الشام ، والعراق ، والموصل ، والجزيرة وغيرها ، فاجتمع منهم بمدينة سيواس خلق كثير ، فحيث لم ينفتح الطريق تأذوا أذى كثيرا ، فكان السعيد منهم من عاد إلى رأس ماله .
وفيها تزوج أبو بكر بن البهلوان ، صاحب أذربيجان وأران بابنة ملك الكرج ، وسبب ذلك أن الكرج تابعت الغارات منهم على بلاده لما رأوا من عجزه وانهماكه في الشرب واللعب وما جانسهما ، وإعراضه عن تدبير الملك وحفظ البلاد ، فلما رأى هو أيضا ذلك ، ولم يكن عنده من الحمية والأنفة من هذه المناحس ، ما يترك ما هو مصر عليه ، وأنه لا يقدر على الذب عن البلاد [ بالسيف ] ، عدل إلى الذب عنها بأيره ، فخطب ابنة ملكهم ، فتزوجها ، فكف الكرج عن النهب والإغارة والقتل ، فكان كما قيل : أغمد سيفه ، وسل أيره .
وفيها حمل إلى إربل خروف وجهه صورة آدمي وبدنه بدن خروف ، وكان هذا من العجائب ] .
[ الوفيات ]
وفيها القاضي أبو حامد محمد بن محمد المانداي الواسطي بها . توفي
وفيها ، في شوال ، توفي فخر الدين مبارك شاه بن الحسن المروروذي ، وكان حسن الشعر بالفارسية والعربية ، وله منزلة عظيمة عند صاحب [ ص: 239 ] غياث الدين الكبير غزنة وهراة وغيرهما ، وكان له دار ضيافة ، فيها كتب وشطرنج ، فالعلماء يطالعون الكتب ، والجهال يلعبون بالشطرنج .
وفيها ، في ذي الحجة ، توفي أبو الحسن علي بن علي بن سعادة الفارقي الفقيه الشافعي ، ببغداد ، وبقي مدة طويلة معيدا بالنظامية ، وصار مدرسا بالمدرسة التي أحدثتها أم الخليفة الناصر لدين الله ، وكان مع علمه صالحا ، طلب للنيابة في القضاء ببغداد ، فامتنع ، فألزم بذلك ، فوليه يسيرا ، ثم في بعض الأيام مشى إلى جامع ابن المطلب ، فنزل ، ولبس مئزر صوف غليظ ، وغير ثيابه ، وأمر الوكلاء وغيرهم بالانصراف عنه ، وأقام به حتى سكن الطلب عنه ، وعاد إلى منزله بغير ولاية .
وفيها وقع الشيخ أبو موسى المكي ، المقيم بمقصورة جامع السلطان ببغداد ، من سطح الجامع ، فمات ، وكان رجلا صالحا كثير العبادة .
وفيها أيضا توفي العفيف أبو المكارم عرفة بن علي بن بصلا البندنيجي ببغداد ، وكان رجلا صالحا ، منقطعا إلى العبادة - رحمه الله - .