ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ، في المحرم ، كانت ببغداد فتنة بين أهل المأمونية وبين أهل باب الأزج بسبب قتل سبع ، وزاد الشر بينهم ، واقتتلوا ، فجرح بينهم كثير ، فحضر نائب الباب وكفهم عن ذلك ، فلم يقبلوا ذلك ، وأسمعوه ما يكره ، فأرسل من الديوان أمير من مماليك الخليفة ، فرد أهل كل محلة إلى محلتهم ، وسكنت الفتنة .
وفيها كثر الفأر ببلدة دجيل من أعمال بغداد ، فكان الإنسان لا يقدر أن يجلس [ ص: 312 ] إلا ومعه عصا يرد الفأر عنه ، وكان يرى الكثير منه ظاهرا يتبع بعضه بعضا .
وفيها زادت دجلة زيادة عظيمة لم يشاهد في قديم الزمان مثلها ، وأشرفت بغداد على الغرق ، فركب الوزير والأمراء والأعيان كافة ، وجمعوا الخلق العظيم من العامة وغيرهم لعمل القورج حول البلد ، وقلق الناس لذلك ، وانزعجوا ، وعاينوا الهلاك ، وأعدوا السفن لينجوا فيها ، وظهر الخليفة للناس وحثهم على العمل ، وكان مما قال لهم : لو كان يفدى ما أرى بمال أو غيره لفعلت ، ولو دفع بحرب لفعلت ، ولكن أمر الله لا يرد .
ونبع الماء من البلاليع والآبار من الجانب الشرقي ، وغرق كثير منه ، وغرق مشهد أبي حنيفة ، وبعض الرصافة ، وجامع المهدي ، وقرية الملكية ، والكشك ، وانقطعت الصلاة بجامع السلطان . وأما الجانب الغربي ، فتهدم أكثر القرية ، ونهر عيسى ، والشطيات ، وخربت البساتين ، ومشهد باب التين ، ومقبرة والحريم الطاهري ، وبعض باب أحمد بن حنبل البصرة والدور التي على نهر عيسى وأكثر محلة قطفتا .
[ ] الوفيات
وفيها توفي أحمد بن أبي الفضائل عبد المنعم بن أبي البركات محمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله بن سعيد بن أبي الخير الميهني ، الصوفي ، أبو الفضل شيخ رباط الخليفة ببغداد ، وكان صالحا من بيت التصوف والصلاح .