ذكر  قصد  التتر   بلاد  الكرج    
لما فرغ  التتر   من بلاد المسلمين  بأذربيجان   وأران   ، بعضه بالملك ، وبعضه بالصلح ، ساروا إلى  بلاد الكرج   من هذه الأعمال أيضا ، وكان  الكرج   قد أعدوا لهم ، واستعدوا ، وسيروا جيشا كثيرا إلى طرف بلادهم ليمنعوا  التتر   عنها ، فوصل إليهم      [ ص: 353 ] التتر   ، فالتقوا ، فلم يثبت  الكرج   بل ولوا منهزمين ، فأخذهم السيف ، فلم يسلم منهم إلا الشريد .  
ولقد بلغني أنهم قتل منهم نحو ثلاثين ألفا ، ونهبوا ما وصلوا إليه من بلادهم ، وخربوها ، وفعلوا بها ما هو عادتهم ، فلما وصل المنهزمون إلى  تفليس   ، وبها ملكهم جمعوا جموعا أخرى وسيرهم إلى  التتر   أيضا ليمنعوهم من توسط بلادهم ، فرأوا  التتر   وقد دخلوا البلاد لم يمنعهم جبل ولا مضيق ولا غير ذلك ، فلما رأوا فعلهم عادوا إلى تفليس ، فأخلوا البلاد ، ففعل  التتر   فيها ما أرادوا من النهب ، والقتل ، والتخريب ، ورأوا بلادا كثيرة المضايق والدربندات ، فلم يتجاسروا على الوغول فيها ، فعادوا عنها .  
وداخل  الكرج   منهم خوف عظيم ، حتى سمعت عن بعض أكابر  الكرج   ، قدم رسولا ، أنه قال : من حدثكم أن  التتر   انهزموا وأسروا فلا تصدقوه ، وإذا حدثتم أنهم قتلوا فصدقوه ، فإن القوم لا يفرون أبدا ، ولقد أخذنا أسيرا منهم ، فألقى نفسه من الدابة وضرب رأسه بالحجر إلى أن مات ، ولم يسلم نفسه للأسر .  
				
						
						
