ذكر قدوم   عمرو بن العاص  من عمان   
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل   عمرو بن العاص  إلى  جيفر  عند منصرفه من حجة الوداع . فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  وعمرو  بعمان  ، فأقبل حتى انتهى إلى البحرين  ، فوجد  المنذر بن ساوى  في الموت . ثم خرج عنه إلى بلاد بني عامر  فنزل بقرة بن هبيرة  ،  وقرة  يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، ومعه عسكر من بني عامر  ، فذبح له وأكرم مثواه . فلما أراد الرحلة خلا به  قرة  وقال : يا هذا ، إن العرب لا تطيب لكم نفسا بالإتاوة ، فإن أعفيتموها من أخذ أموالها فستسمع لكم وتطيع ، وإن أبيتم فلا تجتمع عليكم . 
فقال له  عمرو     : أكفرت يا  قرة  ؟ أتخوفنا بالعرب ؟ فوالله لأوطئن عليك الخيل في حفش أمك . 
 [ ص: 209 ] والحفش : بيت تنفرد فيه النفساء . 
وقدم على المسلمين بالمدينة  فأخبرهم ، فأطافوا به يسألونه ، فأخبرهم أن العساكر معسكرة من دبا  إلى المدينة    . فتفرقوا وتحلقوا حلقا ، وأقبل  عمر  يريد التسليم على  عمرو  ، فمر على حلقة فيها  علي  ،  وعثمان  ،  وطلحة  ،  والزبير  ،  وعبد الرحمن  ،  وسعد     . فلما دنا  عمر  منهم سكتوا ، فقال : فيم أنتم ؟ فلم يجيبوه . فقال لهم : إنكم تقولون : ما أخوفنا على قريش  من العرب ! قالوا : صدقت . قال : فلا تخافوهم ، أنا والله منكم على العرب أخوف مني من العرب عليكم ، والله لو تدخلون ، معاشر قريش  ، جحرا لدخلته العرب في آثاركم ، فاتقوا الله فيهم . 
ومضى  عمر  ، فلما قدم بقرة بن هبيرة  على  أبي بكر  أسيرا ، استشهد  بعمرو  على إسلامه ، فأحضر  أبو بكر  عمرا  فسأله ، فأخبره بقول  قرة  إلى أن وصل إلى ذكر الزكاة فقال  قرة     : مهلا يا  عمرو     ! فقال : كلا ، والله لأخبرنه بجميعه . 
فعفا عنه  أبو بكر  وقبل إسلامه . 
				
						
						
