ذكر والكرج بأرمينية حرب بين المسلمين
في هذه السنة ، في شعبان ، سار صاحب قلعة سرماري ، وهي من أعمال [ ص: 379 ] أرمينية إلى خلاط ، لأنه كان في طاعة صاحب خلاط ، وهو حينئذ ، فحضر عنده ، واستخلف ببلده أميرا من أمرائه ، فجمع هذا الأمير جمعا ، وسار إلى شهاب الدين غازي بن العادل أبي بكر بن أيوب بلاد الكرج ، فنهب منها عدة قرى وعاد .
فسمعت الكرج بذلك ، فجمع صاحب دوين ، واسمه شلوة ، وهو من أكابر أمراء الكرج ، عسكره وسار إلى سرماري فحصرها أياما ، ونهب بلدها وسوادها ورجع .
فسمع صاحب سرماري الخبر ، فعاد إلى سرماري ، فوصل إليها في اليوم الذي رحل الكرج عنها ، فأخذ عسكره وتبعهم ، فأوقع بساقتهم ، فقتل منهم وغنم ، واستنقذ بعض ما أخذوا من غنائم بلاده .
ثم إن صاحب دوين جمع عسكره وسار إلى سرماري ليحصرها ، فوصل الخبر إلى صاحبها بذلك ، فحصنها وجمع الذخائر وما يحتاج إليه ، فأتاه من أخبره أن الكرج نزلوا بواد بين دوين وسرماري ، وهو واد ضيق ، فسار بجميع عسكره جريدة ، وجد السير ليكبس الكرج . فوصل إلى الوادي الذي هم فيه وقت السحر ، ففرق عسكره فرقتين : فرقة من أعلى الوادي ، وفرقة من أسفله ، وحملوا عليهم وهم غافلون ، ووضعوا السيف فيهم فقتلوا وأسروا ، فكان في جملة الأسرى شلوة أمير دوين ، في جماعة كثيرة من مقدميهم ، ومن سلم من الكرج عاد إلى بلدهم على حال سيئة .
ثم إن ملك الكرج أرسل إلى ، صاحب الملك الأشرف موسى بن العادل ديار الجزيرة ، وهو الذي أعطى خلاط وأعمالها الأمير شهاب الدين ، يقول له : كنا نظن أننا صلح ، والآن فقد عمل صاحب سرماري هذا العمل ، فإن كنا على الصلح فنريد إطلاق أصحابنا من الأسر ، وإن كان الصلح قد انفسخ بيننا فتعرفنا حتى ندبر أمرنا .
فأرسل الأشرف إلى صاحب سرماري يأمره بإطلاق الأسرى وتجديد [ ص: 380 ] الصلح مع الكرج ، ففعل ذلك واستقرت قاعدة الصلح وأطلق الأسرى