[ ص: 383 ] 621
ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة
ذكر التتر إلى الري وهمذان وغيرهما عود طائفة من
أول هذه السنة وصل طائفة من التتر من عند ملكهم ، وهؤلاء غير الطائفة الغربية التي ذكرنا أخبارها قبل وصول هؤلاء جنكزخان الري ; وكان من سلم من أهلها قد عادوا إليها وعمروها ، فلم يشعروا بالتتر إلا وقد وصلوا إليهم ، فلم يمتنعوا عنهم ، فوضعوا في أهلها السيف وقتلوهم كيف شاءوا ، ونهبوا البلد وخربوه ، وساروا إلى ساوة ، ففعلوا بها كذلك ثم إلى قم وقاشان ، وكانتا قد سلمتا من التتر أولا ، فإنهم لم يقربوهما ، ولا أصاب أهلهما أذى ، فأتاهما هؤلاء وملكوهما ، وقتلوا أهلهما ، وخربوهما ، وألحقوهما بغيرهما من البلاد الخراب .
ثم ساروا في البلاد يخربون ويقتلون وينهبون ، ثم قصدوا همذان ، وكان قد اجتمع بها كثير ممن سلم من أهلها ، فأبادوهم قتلا وأسرا ونهبا ، وخربوا البلد .
وكانوا لما وصلوا إلى الري رأوا بها عسكرا كثيرا من الخوارزمية ، فكبسوهم وقتلوا منهم ، وانهزم الباقون إلى أذربيجان ، فنزلوا بأطرافها ، فلم يشعروا إلا والتتر أيضا قد كبسوهم ووضعوا السيف فيهم ، فولوا منهزمين ، فوصل طائفة منهم إلى تبريز وأرسلوا إلى صاحبها أوزبك بن البهلوان يقولون : إن كنت موافقنا فسلم إلينا من عندك من الخوارزمية ، وإلا فعرفنا أنك غير موافق لنا ، ولا في طاعتنا فعمد إلى من عنده من الخوارزمية ، فقتل بعضهم وأسر بعضهم ، وحمل الأسرى والرءوس إلى التتر ، وأنفذ معها من الأموال والثياب والدواب شيئا كثيرا ، فعادوا عن بلاده نحو [ ص: 384 ] خراسان ، فعلوا هذا وليسوا في كثرة ، كانوا نحو ستة آلاف فارس ، وكان الخوارزمية الذين انهزموا منهم نحو ستة آلاف راجل ، وعسكر أوزبك أكثر من الجميع ، ومع هذا فلم يحدث نفسه ولا الخوارزمية بالامتناع منهم .
نسأل الله أن ييسر للإسلام والمسلمين من يقوم بنصرتهم ، فقد دفعوا إلى أمر عظيم من قتل النفوس ، ونهب الأموال ، واسترقاق الأولاد ، وسبي الحريم وقتلهن ، وتخريب البلاد .