[ ص: 385 ] ذكر على أخيه الملك شهاب الدين غازي الأشرف ، وأخذ خلاط منه . عصيان
كان الملك الأشرف موسى بن العادل أبي بكر بن أيوب قد أقطع أخاه شهاب الدين غازي مدينة خلاط وجميع أعمال أرمينية ، وأضاف إليها ميافارقين وحاني وجبل جور ، ولم يقنع بذلك حتى جعله ولي عهده في البلاد التي له جميعها ، وحلف له جميع النواب والعساكر في البلاد .
فلما سلم إليه أرمينية ، سار إليها كما ذكرناه ، وأقام بها إلى آخر سنة عشرين وستمائة ، فأظهر مغاضبة أخيه ، والتجني عليه والعصيان ، والخروج عن طاعته ، فراسله الملك الأشرف الأشرف يستميله ويعاتبه على ما فعل ، فلم يرعو ، ولا ترك ما هو عليه ، بل أصر على ذلك ، واتفق هو وأخوه المعظم عيسى صاحب دمشق ، ومظفر الدين بن زين الدين صاحب إربل ، على الخلاف للأشرف ، والاجتماع على محاربته ، وأظهروا ذلك .
وعلم الأشرف فأرسل إلى أخيه الكامل بمصر يعرفه ذلك ، وكانا متفقين ، وطلب منه نجدة ، فجهز العساكر وأرسل إلى أخيه صاحب دمشق ، يقول له : إن تحركت من بلدك ، سرت إليه وأخذته ، وكان قد سار نحو ديار الجزيرة للميعاد الذي بينهم ، فلما وصلت إليه رسالة أخيه ، وسمع بتجهيز العساكر ، عاد إلى دمشق .
وأما صاحب إربل فإنه جمع العساكر وسار إلى الموصل ، فكان منه ما نذكره ، إن شاء الله .
وأما الأشرف فإنه لما تيقن عصيان أخيه ، جمع العساكر من الشام ، والجزيرة ، والموصل ، وسار إلى خلاط ، فلما قرب منها ، خافه أخوه غازي ، ولم يكن له قوة على أن يلقاه محاربا ، ففرق عسكره في البلاد ليحصنها ، وانتظر أخوه صاحب دمشق أن يسير صاحب إربل إلى ما يجاوره من الموصل وسنجار ، وأن يسير أخوه إلى بلاد الأشرف عند الفرات : الرقة ، وحران ، وغيرهما ، فيضطر الأشرف حينئذ إلى العود عن خلاط .
فسار الأشرف إليه ، وقصد خلاط ، وكان أهلها يريدونه ، ويختارون دولته لحسن [ ص: 386 ] سيرته ، كانت فيهم ، وسوء سيرة غازي ، فلما حصرها ، سلمها أهلها إليه يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الآخرة ، وبقي غازي في القلعة ممتنعا ، فلما جنه الليل ، نزل إلى أخيه معتذرا ومتنصلا ، فعاتبه الأشرف وأبقى عليه ولم يعاقبه على فعله ، لكن أخذ البلاد منه وأبقى عليه ميافارقين .