ذكر مسير  مظفر الدين  صاحب إربل  إلى الموصل  وعوده عنها    . 
في هذه السنة في جمادى الآخرة ، سار  مظفر الدين بن زين الدين  صاحب إربل  ، إلى أعمال الموصل  قاصدا إليها . وكان السبب في ذلك أنه استقرت القاعدة بينه وبين  جلال الدين بن خوارزم شاه  ، وبين الملك المعظم صاحب دمشق  ، وبين صاحب آمد  ، وبين  ناصر الدين  صاحب ماردين  ، ليقصدوا البلاد التي بيد  الأشرف  ،   [ ص: 411 ] ويتغلبوا عليها ، ويكون لكل منهم نصيب ذكره ، واستقرت القواعد بينهم على ذلك ، فبادر  مظفر الدين  إلى الموصل    . 
وأما  جلال الدين  فإنه سار من تفليس  يريد خلاط  ، فأتاه الخبر أن نائبه ببلاد كرمان  ، واسمه "  بلاق حاجب     " ، قد عصى عليه ، على ما نذكره ، فلما أتاه الخبر بذلك ، ترك خلاط  ولم يقصدها ، إلا أن عسكره نهب بعض بلدها وخرب كثيرا منه ، وسار مجدا إلى كرمان  ، فانفسخ جميع ما كانوا عزموا عليه ، إلا أن  مظفر الدين  سار من إربل  ونزل على جانب الزاب  ، ولم يمكنه العبور إلى بلد الموصل    . 
وكان  بدر الدين  قد أرسل من الموصل  إلى  الأشرف  وهو بالرقة  يستنجده ، ويطلب منه أن يحضر بنفسه الموصل  ليدفع  مظفر الدين  ، فسار منها إلى حران  ، ومن حران  إلى دنيسر  ، فخرب بلد ماردين  وأهله تخريبا ونهبا . 
وأما المعظم صاحب دمشق  ، فإنه قصد بلد حمص  وحماة  ، وأرسل إلى أخيه  الأشرف  يقول : إن رحلت عن ماردين  وحلب  ، وأنا عن حمص  وحماة  ، وأرسلت إلى  مظفر الدين  ليرجع عن بلد الموصل  ، فرحل  الأشرف  عن ماردين  ، وعاد كل منهم إلى بلده ، وخربت أعمال الموصل  ، وأعمال ماردين  بهذه الحركة ، فإنها كانت قد أجحف بها تتابع الغلاء وطول مدته ، وجلاء أكثر أهلها ، فأتتها هذه الحادثة فازدادت خرابا على خراب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					