ذكر سونج قشيالوا قلعة رويندز . ملك
وفي هذه السنة ظهر أمير من أمراء التركمان اسمه سونج ، ولقبه شمس الدين ، واسم قبيلته قشيالوا ، وقوي أمره ، وقطع الطريق ، وكثر جمعه ، وكان بين إربل وهمذان ، وهو ومن معه يقطعون الطريق ، ويفسدون في الأرض ، ثم إنه تعدى إلى قلعة منيعة اسمها سارو ، وهي لمظفر الدين ، من أعمال إربل ، فأخذها وقتل عندها أميرا كبيرا من أمراء مظفر الدين ، فجمع مظفر الدين ، وأراد استعادتها منه ، فلم يمكنه لحصانتها ، ولكثرة الجموع مع هذا الرجل ، فاصطلحا على ترك القلعة بيده .
وكان عسكر لجلال الدين بن خوارزم شاه يحصرون قلعة رويندز ، وهي من قلاع أذربيجان ، من أحصن القلاع وأمنعها ، لا يوجد مثلها ، وقد طال الحصار على من بها فأذعنوا بالتسليم ، فأرسل جلال الدين بعض خواص أصحابه وثقاته ليتسلمها ، وأرسل معه الخلع والمال لمن بها ، فلما صعد ذلك القاصد إلى القلعة وتسلمها ، أعطى بعض من بالقلعة ، ولم يعط البعض ، واستذلهم وطمع فيهم حيث استولى على الحصن ، فلما رأى من لم يأخذ شيئا من الخلع والمال ما فعل بهم ، أرسلوا إلى سونج يطلبونه ليسلموا إليه القلعة ، فسار إليهم في أصحابه فسلموها إليه ، فسبحان من إذا أراد أمرا سهله .
قلعة رويندز هذه لم تزل تتقاصر عنها قدرة أكابر الملوك وعظمائهم من قديم الزمان وحديثه ، وتضرب الأمثال بحصانتها ، لما أراد الله - سبحانه وتعالى - أن يملكها هذا الرجل الضعيف ، سهل له الأمور ، فملكها بغير قتال ولا تعب ، وأزال عنها أصحاب مثل جلال الدين الذي كل ملوك الأرض تهابه وتخافه ، وكان أصحاب جلال الدين ، كما قيل : رب ساع لقاعد .
فلما ملكها سونج ، طمع في غيرها ، ولا سيما مع اشتغال جلال الدين بما أصابه [ ص: 444 ] من الهزيمة ومجيء التتر ، فنزل من القلعة إلى مراغة ، وهي قريب منها ، فحصرها ، فأتاه سهم غرب فقتله ، فلما قتل ملك [ قلعة ] رويندز أخوه ، ثم إن هذا الأخ الثاني نزل من القلعة ، وقصد أعمال تبريز ونهبها ، وعاد إلى القلعة ليجعل فيها من ذلك النهب والغنيمة ذخيرة خوفا من التتر ، وكانوا قد خرجوا ، فصادفه طائفة من التتر ، فقتلوه وأخذوا ما معه من النهب ، ولما قتل ملك القلعة ابن أخت له ، وكان هذا جميعه في مدة سنتين ، فأف لدنيا لا تزال تتبع فرحة بترحة ، وكل حسنة بسيئة .