ثم خرج خالد حاجا من الفراض سرا ومعه عدة من أصحابه يعتسف البلاد ، فأتى مكة وحج ورجع ، فما توافى جنده بالخبر حتى وافاهم مع صاحب الساقة ، فقدما معا وخالد وأصحابه محلقون ، ولم يعلم بحجه إلا من أعلمه به ، ولم يعلم أبو بكر بذلك إلا بعد رجوعه ، فعتب عليه ، وكانت عقوبته إياه أن صرفه إلى الشام من العراق ممدا جموع المسلمين باليرموك ، وكان أهل العراق أيام علي إذا بلغهم عن معاوية شيء يقولون : نحن أصحاب ذات السلاسل ، ويسمون ما بينها وبين الفراض ، ولا يذكرون ما بعد الفراض احتقارا للذي كان بعدها .
وأغار على سوق خالد بن الوليد بغداد ، ووجه المثنى فأغار على سوق فيها جمع لقضاعة وبكر ، وأغار أيضا على مسكن وقطربل ، وتل عقرقوف ، وبادوريا ، قال الشاعر :
وللمثنى بالعال معركة شاهدها من قبيله بشر كتيبة أفزعت بوقعتها
وكاد الإيوان ينفطر وشجع المسلمين إذ حذروا كسرى
وفي صروف التجارب العبر سهل نهج السبيل فاقتفروا
آثاره والأمور تقتفر
[ ص: 247 ] يعني بالعال : الأنبار ، ومسكن ، وقطربل ، وبادوريا .