ذكر وقعة أجنادين   
قد ذكرها  أبو جعفر  عقيب وقعة اليرموك  ، وروى خبرها عن ابن إسحاق من اجتماع الأمراء ومسير   خالد بن الوليد  من العراق  إلى الشام  نحو ما تقدم ، وقال : فسار  خالد  من مرج راهط إلى بصرى  وعليها   أبو عبيدة بن الجراح  وشرحبيل بن حسنة   ويزيد بن أبي سفيان  ، فصالحهم أهلها على الجزية ، فكانت أول مدينة فتحت بالشام  في خلافة  أبي بكر     . ثم ساروا جميعا إلى فلسطين  مددا   لعمرو بن العاص  وهو مقيم بالعربات  ، واجتمعت الروم بأجنادين  وعليهم  تذارق  أخو  هرقل  لأبويه ، وقيل كان على الروم  القبقلار  ، وأجنادين  بين الرملة  وبيت جبرين  من أرض فلسطين  ، وسار  عمرو بن   [ ص: 261 ] العاص  حين سمع بالمسلمين فلقيهم ، ونزلوا بأجنادين  وعسكروا عليهم ، فبعث  القبقلار  عربيا إلى المسلمين يأتيه بخبرهم ، فدخل فيهم وأقام يوما وليلة ثم عاد إليه ، فقال : ما وراءك ؟ فقال : بالليل رهبان وبالنهار فرسان ، ولو سرق ابن ملكهم قطعوه ، ولو زنى رجم لإقامة الحق فيهم . فقال : إن كنت صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها . 
والتقوا يوم السبت لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، فظهر المسلمون وهزم المشركون ، وقتل  القبقلار  وتذارق  ، واستشهد رجال من المسلمين ، منهم :  سلمة بن هشام بن المغيرة  ،  وهبار بن الأسود  ،  ونعيم بن عبد الله النحام  ،   وهشام بن العاص بن وائل  ، وقيل : بل قتل باليرموك  ، وجماعة غيرهم 
قال : ثم جمع  هرقل  للمسلمين فالتقوا باليرموك  ، وجاءهم خبر وفاة  أبي بكر  وهم مصافون ، وولاية  أبي عبيدة  ، وكانت هذه الوقعة في رجب . هذه سياقة الخبر 
وكان فيمن قتل  ضرار بن الخطاب الفهري  ، وله صحبة ،  وعمرو بن سعيد بن العاص  ، وهو من مهاجرة الحبشة  ، وقتل باليرموك  ، وممن قتل   الفضل بن العباس  ، وقيل : قتل بمرج الصفر  ، وقيل : مات في طاعون عمواس . 
وفيها قتل  طليب بن عمير بن وهب القرشي  ، وقتل باليرموك  ، شهد بدرا ، وهو من المهاجرين الأولين . 
وفيها قتل  عبد الله بن أبي جهم القرشي العدوي  ، وكان إسلامه يوم الفتح . 
وفيها قتل   عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب  بعد أن قتل جمعا من الروم في المعركة ، وكان عمره يوم مات النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ثلاثين سنة . 
وفيها قتل  عبد الله بن الطفيل الدوسي  ، وهو الملقب بذي النور ، وكان من فضلاء الصحابة ، قديم الإسلام ، هاجر إلى الحبشة    . 
 [ ص: 262 ]   ( أجنادين  بعد الجيم نون ، ودال مهملة مفتوحة ، ومنهم من يكسرها ، ثم ياء مثناة من تحتها ساكنة ، وآخره نون ) . 
وقد قيل : إن وقعة أجنادين  كانت سنة خمس عشرة ، وسيرد ذكرها إن شاء الله . 
				
						
						
