في هذه السنة غزا سعيد بن العاص طبرستان ، فإنها لم يغزها أحد إلى هذه السنة . وقد تقدم في أيام عمر الخلاف في ذلك ، وأن إصبهبذها صالح سويد بن مقرن أيام عمر على مال بذله . وأما على هذا القول فإن سعيدا غزاها من الكوفة سنة ثلاثين ، ومعه الحسن والحسين وابن عباس وابن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وحذيفة بن اليمان وابن الزبير وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وخرج ابن عامر من البصرة يريد خراسان ، فسبق سعيدا ونزل نيسابور ، ونزل سعيد قومس ، وهي صلح ، صالحهم حذيفة بعد نهاوند ، فأتى جرجان فصالحوه على مائتي ألف ، ثم أتى طميسة ، وهي كلها من طبرستان متاخمة جرجان ، على البحر ، فقاتله أهلها ، فصلى صلاة الخوف ، أعلمه حذيفة كيفيتها ، وهم يقتتلون . وضرب سعيد يومئذ رجلا بالسيف على حبل عاتقه ، فخرج السيف من تحت مرفقه ، وحاصرهم ، فسألوا الأمان ، فأعطاهم على أن لا يقتل منهم [ ص: 481 ] رجلا واحدا ، ( ففتحوا الحصن فقتلوا جميعا إلا رجلا واحدا ) ، وحوى ما في الحصن ، فأصاب رجل من بني نهد سفطا عليه قفل ، فظن أن فيه جوهرا ، وبلغ سعيدا فبعث إلى النهدي فأتاه بالسفط ، فكسروا قفله فوجدوا فيه سفطا ، ففتحوه فوجدوا خرقة حمراء فنشروها ، فإذا خرقة صفراء وفيها أيران كميت وورد . فقال شاعر يهجو بني نهد :
آب الكرام بالسبايا غنيمة وآب بنو نهد بأيرين في سفط كميت وورد وافرين كلاهما
فظنوهما غنما فناهيك من غلط
وفتح سعيد نامية ، وليست بمدينة ، هي صحارى .
ومات مع سعيد محمد بن الحكم بن أبي عقيل جد . ثم رجع يوسف بن عمر سعيد ، فمدحه كعب بن جعيل فقال :
فنعم الفتى إذا حال جيلان دونه وإذ هبطوا من دستبى ثم أبهرا
في أبيات . ولما صالح سعيد أهل جرجان كانوا يجبون أحيانا مائة ألف ، وأحيانا مائتي ألف ، وأحيانا ثلاثمائة ألف ، ويقولون : هذا صلح صلحنا ، وربما منعوه ، ثم امتنعوا وكفروا ، فانقطع طريق خراسان من ناحية قومس إلا على خوف شديد منهم . كان الطريق إلى خراسان من فارس إلى كرمان إلى خراسان ، وأول من صير الطريق من قومس حين ولي قتيبة بن مسلم خراسان . وقدمها فصالح صول ، وفتح يزيد بن المهلب البحيرة ودهستان ، وصالح أهل جرجان على صلح سعيد .