[ ص: 38 ] 44
ثم دخلت سنة أربع وأربعين
في هذه السنة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بلاد الروم وشتوا بها ، وغزا دخل المسلمون مع في البحر . بسر بن أبي أرطأة
ذكر عن عبد الله بن عامر البصرة عزل
وفي هذه السنة عزل عن عبد الله بن عامر البصرة .
وسببه أن ابن عامر كان حليما كريما لينا ، لا يأخذ على أيدي السفهاء ، وفسدت البصرة في أيامه فشكا ذلك إلى زياد ، فقال له : جرد السيف . فقال له : إني أكره أن أصلحهم بفساد نفسي . ثم إن ابن عامر وفد وفدا من البصرة إلى معاوية فوافقوا عنده وفد الكوفة ، وفيهم ابن الكوا واسمه عبد الله بن أبي أوفى اليشكري ، فسألهم معاوية عن أهل العراق وعن أهل البصرة خاصة ، فقال ابن الكوا : يا أمير المؤمنين ، إن أهل البصرة قد أكلهم سفهاؤهم ، وضعف عنهم سلطانهم ، وعجز ابن عامر وضعفه . فقال له معاوية : نتكلم عن أهل البصرة وهم حضور ؟
فلما عاد أهل البصرة أبلغوا ابن عامر ، فغضب وقال : أي أهل العراق أشد عداوة لابن الكوا ؟ فقيل : عبد الله بن أبي شيخ اليشكري ، فولاه خراسان ، فبلغ ذلك ابن الكوا ، فقال : إن ابن دجاجة ، يعني ابن عامر ، قليل العلم في ، ظن أن ولاية عبد الله خراسان تسوءني ! لوددت أنه لم يبق يشكري إلا عاداني وأنه ولاه .
وقيل إن الذي ولاه ابن عامر خراسان طفيل بن عوف اليشكري .
فلما علم معاوية حال البصرة أراد عزل ابن عامر فأرسل إليه يستزيره ، فجاء إليه [ ص: 39 ] فرده على عمه ، فلما ودعه قال : إني سائلك ثلاثا فقل هن لك . فقال : هن لك ، وأنا ابن أم حكيم قال :
ترد علي عملي ولا تغضب .
قال : قد فعلت . قال : وتهب لي مالك بعرفة . قال : قد فعلت . قال :
وتهب لي دورك بمكة . قال : قد فعلت . قال : وصلتك رحم :
فقال ابن عامر : يا أمير المؤمنين إني سائلك ثلاثا فقل هن لك . فقال : هن لك ، وأنا ابن هند .
قال : ترد علي مالي بعرفة . قال : قد فعلت . قال : ولا تحاسب لي عاملا ولا تتبع لي أثرا . قال : قد فعلت :
قال : وتنكحني ابنتك هندا . قال : قد فعلت .
ويقال : إن معاوية قال له : اختر إما أن أتبع أثرك وأحاسبك بما صار إليك وأردك ، وإما أن أعزلك وأسوغك ما أصبت . فاختار العزل وأن لا يسوغه ما أصاب ، فعزله وولى البصرة الحارث بن عبد الله الأزدي .