[ ص: 59 ]   . 
ثم دخلت سنة خمسين 
فيها كانت غزوة   بسر بن أبي أرطاة  وسفيان بن عوف الأزدي  أرض الروم  ، وغزوة   فضالة بن عبيد الأنصاري  في البحر . 
ذكر وفاة   المغيرة بن شعبة  وولاية زياد الكوفة   
في هذه السنة في شعبان كانت وفاة   المغيرة بن شعبة  في قول بعضهم ، وهو الصحيح ، وكان الطاعون قد وقع بالكوفة  ، فهرب  المغيرة  منه ، فلما ارتفع الطاعون عاد إلى الكوفة  فطعن فمات . 
وكان طوالا أعور ذهبت عينه يوم اليرموك ، وتوفي وهو ابن سبعين سنة ، وقيل : كان موته سنة إحدى وخمسين ، وقيل ( سنة تسع وأربعين ) . 
فلما مات  المغيرة  استعمل  معاوية  زيادا  على الكوفة  والبصرة  ، وهو أول من جمعتا له . فلما وليها سار إليها واستخلف على البصرة   سمرة بن جندب  ، وكان  زياد  يقيم بالكوفة  ستة أشهر وبالبصرة  ستة أشهر ، فلما وصل الكوفة  خطبهم فحصب وهو على المنبر ، فجلس حتى أمسكوا ثم دعا قوما من خاصته فأمرهم فأخذوا أبواب المسجد ثم قال : 
ليأخذ كل رجل منكم جليسه ولا يقولن لا أدري من جليسي ، ثم أمر بكرسي فوضع له على باب المسجد ، فدعاهم أربعة أربعة يحلفون : ما منا من حصبك : 
 [ ص: 60 ] فمن حلف خلاه ومن لم يحلف حبسه ، حتى صار إلى ثلاثين ، وقيل : إلى ثمانين ، فقطع أيديهم على المكان . 
وكان أول قتيل قتله  زياد  بالكوفة  أوفى بن حصن  ، وكان بلغه عنه شيء ، فطلبه فهرب ، فعرض الناس [  زياد     ] ، فمر به فقال : من هذا ؟ قال :  أوفى بن حصن     . فقال  زياد     : أتتك بحائن رجلاه : 
وقال له : ما رأيك في  عثمان  ؟ قال : ختن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنتيه . قال : فما تقول في  معاوية  ؟ قال : 
جواد حليم . قال : فما تقول في ؟ قال : بلغني أنك قلت بالبصرة  والله لآخذن البريء بالسقيم ، والمقبل بالمدبر . قال : قد قلت ذاك . قال : خبطتها عشواء ! فقال  زياد     : ليس النفاخ بشر الزمرة ! فقتله . 
ولما قدم  زياد  الكوفة  قال له  عمارة بن عقبة بن أبي معيط     : إن  عمرو بن الحمق  يجمع إليه شيعة  أبي تراب     . فأرسل إليه  زياد     : ما هذه الجماعات عندك ؟ من أردت كلامه ففي المسجد . وقيل : الذي سعى  بعمرو يزيد بن رويم     : 
فقال له  زياد     : قد أشطت بدمه ، ولو علمت أن مخ ساقه قد سال من بغضي ما هجته حتى يخرج علي . فاتخذ  زياد  المقصورة حين حصب . 
فلما استخلف  زياد  سمرة  على البصرة  أكثر القتل فيها ، فقال   ابن سيرين     : قتل  سمرة  في غيبة  زياد  هذه ثمانية آلاف . فقال له  زياد     : أتخاف أن تكون قتلت بريئا ؟ فقال : لو قتلت معهم مثلهم ما خشيت . وقال  أبو السوار العدوي     : قتل  سمرة  من قومي في غداة واحدة سبعة وأربعين كلهم قد جمع القرآن . 
وركب  سمرة  يوما فلقي أوائل خيله رجلا فقتلوه ، فمر به  سمرة  وهو يتشحط في دمه فقال : ما هذا ؟ فقيل أصابه أوائل   [ ص: 61 ] خيلك . فقال : إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنتنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					