[ ص: 91 ]   54 
ثم دخلت سنة أربع وخمسين 
ذكر غزوة الروم  وفتح جزيرة أرواد   
فيها كان مشتى  محمد بن مالك  بأرض الروم  ، وصائفة  معن بن يزيد السلمي     . 
وفيها فتح المسلمون ومقدمهم   جنادة بن أبي أمية  جزيرة أرواد  ، قريب القسطنطينية  ، فأقاموا بها سبع سنين ، وكان معهم   مجاهد بن جبر  ، فلما مات  معاوية  وولي ابنه  يزيد  أمرهم بالعود فعادوا . 
ذكر عزل  سعيد  عن المدينة  واستعمال  مروان   
وفيها عزل  معاوية   سعيد بن العاص  عن المدينة  واستعمل  مروان     . 
 [ ص: 92 ] وكان سبب ذلك أن  معاوية  كتب إلى   سعيد بن العاص  أن يهدم دار  مروان  ويقبض أمواله كلها ليجعلها صافية ويقبض منه فدك ، وكان وهبها له ، فراجعه   سعيد بن العاص  في ذلك ، فأعاد  معاوية  الكتاب بذلك ، فلم يفعل  سعيد  ووضع الكتابين عنده ، فعزله  معاوية  ، وولى  مروان  وكتب إليه يأمره بقبض أموال   سعيد بن العاص  وهدم داره ، فأخذ الفعلة وسار إلى دار  سعيد  ليهدمها ، فقال له  سعيد     : يا  أبا عبد الملك  أتهدم داري ؟ قال : نعم ، كتب إلي أمير المؤمنين ، ولو كتب إليك في هدم داري لفعلت : 
فقال : ما كنت لأفعل : 
قال : بلى والله : 
قال : كلا : 
وقال لغلامه : ائتني بكتاب  معاوية  ، فجاءه بالكتابين ، فلما رآهما  مروان  قال : كتب إليك فلم تفعل ولم تعلمني ؟ فقال  سعيد     : ما كنت لأمن عليك ، وإنما أراد  معاوية  أن يحرض بيننا : 
فقال  مروان     : أنت والله خير مني . وعاد ولم يهدم دار  سعيد  ، وكتب  سعيد  إلى  معاوية     : العجب مما صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا ! إنه يضغن بعضنا على بعض ، فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره من الأخبثين ، وعفوه وإدخاله القطيعة بيننا والشحناء ، وتوارث الأولاد ذلك ، فوالله لو لم نكن أولاد أب واحد لما جمعنا الله عليه من نصرة أمير المؤمنين الخليفة المظلوم ، واجتماع كلمتنا ، لكان حقا على أمير المؤمنين أن يرعى ذلك . 
فكتب إليه  معاوية  يعتذر من ذلك ويتنصل وأنه عائد إلى أحسن ما يعهده . 
وقدم  سعيد  على  معاوية  فسأله عن  مروان  فأثنى عليه خيرا ، فقال له  معاوية     : ما باعد بينه وبينك ؟ قال : خافني على شرفه وخفته على شرفي : 
قال : فماذا له عندك ؟ قال : أسره شاهدا وغائبا . 
وفي هذه السنة عزل  معاوية   سمرة بن جندب  واستعمل على البصرة  عبد الله بن عمرو بن غيلان  ستة أشهر . 
ذكر استعمال   عبيد الله بن زياد  على خراسان  
 وفيها استعمل  معاوية   عبيد الله بن زياد  على خراسان    . 
وكان سبب ولايته أنه قدم عليه بعد موت أبيه ، فقال له  معاوية     : من استعمل أبوك على الكوفة  والبصرة  ؟ فأخبره ، فقال : لو استعملك أبوك لاستعملتك . فقال  عبيد الله     :   [ ص: 93 ] أنشدك الله أن يقولها لي أحد بعدك : لو استعملك أبوك وعمك لاستعملتك . 
فولاه خراسان  وقال له : اتق الله ولا تؤثرن على تقواه شيئا ، فإن في تقواه عوضا ، ووفر عرضك من أن تدنسه ، وإذا أعطيت عهدا فف به ، ولا تبيعن كثيرا بقليل ، ولا يخرجن منك أمر حتى تبرمه ، فإذا خرج فلا يردن عليك ، وإذا لقيت عدوك فغلبوك على ظهر الأرض فلا يغلبوك على بطنها ، ولا تطعمن أحدا في غير حقه ، ولا تؤيسن أحدا من حق هو له . ثم ودعه : 
وكان عمر  عبيد الله  خمسا وعشرين سنة ، وسار إلى خراسان  ، فقطع النهر إلى جبال بخارى    ( على الإبل ، فكان أول من قطع جبال بخارى  في جيش ، ففتح راميثن  ونصف  وبيكند  ، وهي من بخارى  ، فمن ثم أصاب البخارية وغنم منهم غنائم كثيرة ، ولما لقي الترك وهزمهم كان مع ملكهم زوجته فعجلوها عن لبس خفيها فلبست أحدهما وبقي الآخر ، فأخذه المسلمون ، فقوم بمائتي ألف درهم ، وكان قتاله الترك من زحوف خراسان  التي تذكر ، فظهر منه بأس شديد ، وأقام بخراسان  سنتين . 
 [ ص: 94 ] ذكر عدة حوادث 
وحج بالناس في هذه السنة   مروان بن الحكم  وهو أمير المدينة    . 
وكان على الكوفة  عبد الله بن خالد  ، وقيل :   الضحاك بن قيس  ، وعلى البصرة  عبد الله بن عمرو بن غيلان     . 
  [ الوفيات ] 
وفي هذه السنة توفي   أبو قتادة الأنصاري   وعمره سبعون سنة ، وقيل : مات سنة أربعين ، وصلى عليه علي وكبر عليه سبعا ، وشهد مع علي حروبه كلها ، وهو بدري : 
وفيها توفي   حويطب بن عبد العزى  وله مائة وعشرون سنة : 
وفيها توفي   ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم     -   وأسامة بن زيد  ، وقيل : توفي  أسامة  سنة ثمان وخمسين ، وقيل : سنة تسع وخمسين . 
وفيها توفي  سعيد بن يربوع بن عنكثة   ، وكان عمره مائة وأربعا وعشرين سنة ، وله صحبة : 
 ومخرمة بن نوفل  ، وهو من مسلمة الفتح  ، وعمره مائة سنة وخمس عشرة سنة : 
وعبد الله بن أنيس الجهني     : 
وفيها قتل   يزيد بن شجرة الرهاوي  في غزوة غزاها ، وقيل : سنة ثمان وخمسين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					