[ ص: 200 ] ذكر  ملك  سليمان بن داود   ، عليه السلام   
لما توفي  داود   ملك بعده ابنه  سليمان   على  بني إسرائيل   ، وكان ابن ثلاث عشرة سنة ، وآتاه الله مع الملك النبوة ، وسأل الله أن يؤتيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فاستجاب له وسخر له الإنس ، والجن ، والشياطين ، والطير ، والريح ، فكان إذا خرج من بيته إلى مجلسه عكفت عليه الطير وقام له الإنس والجن حتى يجلس . وقيل : إنما سخر له الريح ، والجن ، والشياطين ، والطير ، وغير ذلك بعد أن زال ملكه ، وأعاده الله سبحانه إليه على ما نذكره .  
وكان أبيض جسيما كثير الشعر يلبس البياض ، وكان أبوه يستشيره في حياته ويرجع إلى قوله ، فمن ذلك ما قصه الله في كتابه في قوله :  وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث   ، الآية . وكان خبره : أن غنما دخلت كرما فأكلت عناقيده وأفسدته ، فقضى  داود   بالغنم لصاحب الكرم ، فقال  سليمان      : أو غير ذلك : أن تسلم الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم      [ ص: 201 ] عليه حتى يعود كما كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها إلى أن يعود كرمه إلى حاله ، ثم يأخذ كرمه ، ويدفع الغنم إلى صاحبها . فأمضى  داود   قوله . وقال الله تعالى :  ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما      .  
قال بعض العلماء : في هذا دليل على أن كل مجتهد في الأحكام الفروعية مصيب ، فإن  داود   أخطأ الحكم الصحيح عند الله تعالى وأصابه  سليمان   ، فقال الله تعالى :  وكلا آتينا حكما وعلما      . وكان  سليمان   يأكل من كسب يده ، وكان كثير الغزو ، وكان إذا أراد الغزو أمر بعمل بساط من خشب يسع عسكره ويركبون عليه هم ودوابهم وما يحتاجون إليه ، ثم أمر الريح فحملته فسارت في غدوته مسيرة شهر وفي روحته كذلك ، وكان له ثلاثمائة زوجة وسبعمائة سرية ، وأعطاه الله أجرا أنه لا يتكلم أحد بشيء إلا حملته الريح إليه فيعلم ما يقول .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					