[ ص: 414 ] ذكر عزل  بكير  عن خراسان  ، وولاية   أمية بن عبد الله بن خالد   
في هذه السنة عزل  عبد الملك  بكير بن وساج  عن خراسان  ، وولاها   أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد  ، وكانت ولاية  بكير  سنتين . 
وكان سبب عزله أن تميما  اختلفت بها ، فصارت مقاعس  والبطون يتعصبون  لبحير  ، ويطلبون  بكيرا  ، وصارت عوف  والأبناء يتعصبون  لبكير  ، وكل هذه بطون من بني تميم  ، فخاف أهل خراسان   أن تعود الحرب وتفسد البلاد ويقهرهم المشركون ، فكتبوا إلى  عبد الملك  بذلك ، وأنها لا تصلح إلا على رجل من قريش  لا يحسدونه ولا يتعصبون عليه ، فاستشار  عبد الملك  فيمن يوليه ، فقال  أمية     : يا أمير المؤمنين ، تداركهم برجل منك . قال : لولا انهزامك عن  أبي فديك  كنت لها . قال : يا أمير المؤمنين ، والله ما انهزمت حتى خذلني الناس ، ولم أجد مقاتلا ، فرأيت أن انحيازي إلى فئة أفضل من تعريضي عصبة بقيت من المسلمين للهلكة ، وقد كتب إليك  خالد بن عبد الله  بعذري ، وقد علم الناس ذلك . فولاه خراسان    . وكان  عبد الملك  يحبه ، فقال الناس : ما رأينا أحدا عوض من هزيمة ما عوض  أمية     . 
فلما سمع  بكير  بمسيره أرسل إلى  بحير  وهو في حبسه ، وقد تقدم ذكر ذلك في مقتل  ابن خازم  ، يطلب منه الصلح ، فامتنع  بحير  وقال : ظن  بكير  أن خراسان  تبقى له في الجماعة . ومشت السفراء بينهم ، فأبى ذلك  بحير  ، فدخل عليه  ضرار بن حصين الضبي  فقال : أراك أحمق ! يرسل إليك ابن عمك يعتذر إليك ، وأنت أسيره والسيف بيده ، ولو قتلك ما حبقت ، فلا تقبل منه ؟ ! اقبل الصلح ، واخرج وأنت على رأس أمرك . فقبل منه وصالح  بكيرا     . فأرسل إليه  بكير  بأربعين ألفا ، وأخذ عليه ألا يقاتله ، وخرج  بحير  فأقام يسأل عن مسير  أمية  ، فلما بلغه أنه قد قارب نيسابور  سار إليه ولقيه بها ، فأخبره عن خراسان  وما يحسن به طاعة أهلها ، ورفع على  بكير  أموالا أخذها ، وحذره غدره وسار معه حتى قدم مرو ، وكان  أمية  كريما ، ولا يعرض  لبكير  ولا لعماله ، وعرض عليه شرطته فأبى ، فولاها  بحير بن ورقاء  ، فلام  بكيرا  رجال من قومه ، فقال : كنت بالأمس أميرا تحمل الحراب بين يدي ، فأصير اليوم أحمل الحربة ! 
ثم خير  أمية  بكيرا  أن يوليه ما شاء من خراسان  ، فاختار طخارستان  ، قال : فتجهز لها ، فأنفق مالا كثيرا . فقال  بحير  لأمية     : إن أتى طخارستان  خلعك . وحذره ، فلم يوله . 
 [ ص: 415 ] أسيد  بفتح الهمزة ، وكسر السين .  وبحير  بفتح الباء الموحدة ، وكسر الحاء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					