ذكر الديلم قزوين وما كان منهم دخول
كانت قزوين ثغر المسلمين من ناحية ديلم ، فكانت العساكر لا تبرح مرابطة بها ، يتحارسون ليلا ونهارا ، فلما كان هذه السنة كان في جماعة من رابط بها محمد بن أبي سبرة الجعفي ، وكان فارسا شجاعا عظيم الغناء في حروبه ، فلما قدم قزوين رأى الناس يتحارسون فلا ينامون الليل ، فقال لهم : أتخافون أن يدخل عليكم العدو مدينتكم ؟ قالوا : نعم . قال : لقد أنصفوكم إن فعلوا ، افتحوا الأبواب ولا بأس عليكم . ففتحوها .
وبلغ ذلك الديلم فساروا إليهم وبيتوهم وهجموا إلى البلد ، وتصايح الناس ، فقال : أغلقوا أبواب المدينة علينا وعليهم ، فقد أنصفونا وقاتلوهم . ابن أبي سبرة
فأغلقوا [ ص: 488 ] الأبواب وقاتلوهم ، وأبلى بلاء عظيما ، وظفر بهم المسلمون ، فلم يفلت من ابن أبي سبرة الديلم أحد ، واشتهر اسمه بذلك ، ولم يعد الديلم بعدها يقدمون على مفارقة أرضهم . فصار محمد فارس ذلك الثغر المشار إليه ، وكان يدمن شرب الخمر ، وبقي كذلك إلى أيام ، فأمر بتسييره إلى عمر بن عبد العزيز زرارة ، وهي دار الفساق بالكوفة ، فسير إليها ، فأغارت الديلم ونالت من المسلمين ، وظهر الخلل بعده ، فكتبوا إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن أمير الكوفة يسألونه أن يرد عليهم ، فكتب بذلك إلى ابن أبي سبرة عمر ، فأذن له في عوده إلى الثغر ، فعاد إليه وحماه .
ولمحمد أخ يقال له خثيمة بن عبد الرحمن ، وهو اسم أبي سبرة ، وكان من الفقهاء .