[ ص: 13 ]   88 
ثم دخلت سنة ثمان وثمانين 
ذكر فتح طوانة  من بلد الروم   
في هذه السنة غزا   مسلمة بن عبد الملك  ،  والعباس بن الوليد بن عبد الملك  بلد الروم  ، وكان  الوليد  قد كتب إلى صاحب أرمينية  يأمره أن يكتب إلى ملك الروم  يعرفه أن الخزر وغيرهم من ملوك جبال أرمينية  قد أجمعوا على قصد بلاده ، ففعل ذلك ، وقطع  الوليد  البعث على أهل الشام   إلى أرمينية  ، وأكثر وأعظم جهازه ، وساروا نحو الجزيرة  ، ثم عطفوا منها إلى بلد الروم  ، فاقتتلوا هم والروم  ، فانهزم الروم  ثم رجعوا ، فانهزم المسلمون ، فبقي  العباس  في نفر ، منهم   ابن محيريز الجمحي  ، فقال له  العباس     : أين أهل القرآن الذين يريدون الجنة ؟ فقال   ابن محيريز     : نادهم يأتوك . فنادى  العباس     : يا أهل القرآن ! فأقبلوا جميعا ، فهزم الله الروم  حتى دخلوا طوانة  ، وحصرهم المسلمون وفتحوها في جمادى الأولى . 
قيل : وفيها ولد   الوليد بن يزيد بن عبد الملك      . 
ذكر عمارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم  
قيل : وفي هذه السنة كتب  الوليد  إلى   عمر بن عبد العزيز  في ربيع الأول يأمره بإدخال حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، في مسجد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأن يشتري ما في نواحيه   [ ص: 14 ] حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع ، ويقول له : قدم القبلة إن قدرت ، وأنت تقدر لمكان أخوالك ، وإنهم لا يخالفونك ، فمن أبى منهم ، فقوموا ملكه قيمة عدل ، واهدم عليهم ، وادفع الأثمان إليهم ، فإن لك فيعمر  وعثمان  أسوة . 
فأحضرهم  عمر  وأقرأهم الكتاب ، فأجابوه إلى الثمن ، فأعطاهم إياه ، وأخذوا في هدم بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبنى المسجد ، وقدم عليهم الفعلة من الشام  ، أرسلهم  الوليد  ، وبعث  الوليد  إلى ملك الروم  يعلمه أنه قد هدم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ليعمره ، فبعث إليه ملك الروم  مائة ألف مثقال ذهب ، ومائة عامل ، وبعث إليه من الفسيفساء بأربعين جملا ، فبعث  الوليد  بذلك إلى   عمر بن عبد العزيز  ، وحضر  عمر  ومعه الناس ، فوضعوا أساسه ، وابتدءوا بعمارته . 
قيل : وفي هذه السنة غزا   مسلمة بن عبد الملك  الروم  أيضا ، ففتح ثلاثة حصون : - أحدها حصن قسطنطين    - ، وغزالة  ، وحصن الأخرم  ، وقتل من المستعربة نحوا من ألف وأخذ الأموال . 
ذكر غزو نومشكت  ورامثنة   
قيل : وفي هذه السنة غزا   قتيبة بن مسلم  نومشكث  ، واستخلف على مرو  أخاه  يسار بن مسلم  ، فتلقاه أهلها فصالحهم ، ثم سار إلى رامثنة  ، فصالحه أهلها وانصرف عنهم . 
وزحف إليه الترك  ومعهم الصغد  وأهل فرغانة  في مائتي ألف ، وملكهم  كورمغانون بن أخت ملك الصين  ، فاعترضوا المسلمين ، فلحقوا  عبد الرحمن بن   [ ص: 15 ] مسلم  أخا  قتيبة  وهو على الساقة ، وبينه وبين  قتيبة  وأوائل العسكر ميل ، فلما قربوا منه أرسل إلى  قتيبة  بخبره ، وأدركه الترك  فقاتلوه ، ورجع  قتيبة  فانتهى إلى  عبد الرحمن  وهو يقاتل الترك  ، وقد كاد الترك  يظهرون ، فلما رأى المسلمون  قتيبة  طابت نفوسهم ، وقاتلوا إلى الظهر ، وأبلى يومئذ  نيزك  ، وهو مع  قتيبة  ، فانهزم الترك  ، ورجع  قتيبة  فقطع النهر عند ترمذ  وأتى مرو    . 
ذكر ما عمل  الوليد  من المعروف  
وفي هذه السنة كتب  الوليد  إلى   عمر بن عبد العزيز  في تسهيل الثنايا وحفر الآبار ، وأمره أن يعمل الفوارة بالمدينة  ، فعملها وأجرى ماءها ، فلما حج  الوليد  ورآها أعجبته ، فأمر لها بقوام يقومون عليها ، وأمر أهل المسجد أن يستقوا منها ، وكتب إلى البلدان جميعها بإصلاح الطرق ، وعمل الآبار ، ومنع المجذمين من الخروج على الناس ، وأجرى لهم الأرزاق . 
ذكر عدة حوادث 
وحج بالناس هذه السنة   عمر بن عبد العزيز   ، ووصل جماعة من قريش  ، وساق معه بدنا وأحرم من ذي الحليفة  ، فلما كان بالتنعيم  أخبر أن مكة  قليلة الماء ، وأنهم يخافون على الحاج العطش ، فقال  عمر     : تعالوا ندع الله تعالى ، فدعا ودعا معه الناس ، فما وصلوا البيت إلا مع المطر وسال الوادي ، فخاف أهل مكة   من شدته ، ومطرت عرفة  ومكة  وكثر الخصب . 
وقيل إنما حج هذه السنة  عمر بن الوليد بن عبد الملك     . 
وكان العمال من تقدم ذكرهم . 
 [ ص: 16 ]   [ الوفيات ] 
وفيها مات   سهل بن سعد الساعدي   ، وقيل : بل سنة إحدى وتسعين ، وله مائة سنة . 
 وعبد الله بن بسر المازني   من  مازن بن منصور  ، وكان ممن صلى القبلتين ، وهو آخر من مات بالشام  من الصحابة . 
( بسر بضم الباء الموحدة ، وبالسين المهملة ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					