[ ص: 244 ] ذكر خبر أردشير بهمن وابنته خمانى  
ثم ملك بعد  بشتاسب ابن ابنه أردشير بهمن بن إسفنديار  ، وكان مظفرا في مغازيه ، وملك أكثر من أبيه ، وقيل : إنه ابتنى بالسواد  مدينة وسماها أياوان أردشير  ، وهي القرية المعروفة بهمينيا  بالزاب الأعلى  ، وابتنى بكور دجلة الأبلة  ، وسار إلى سجستان  طالبا بثأر أبيه ، فقتل  رستم  وأباه  دستان  وابنه  فرامرز     . 
وبهمن  هو  أبو دارا الأكبر  ،  وأبو ساسان أبي ملوك الفرس الأحرار أردشير بن بابك  وولده ، وأم دارا خمانى ابنة بهمن  ، فهي أخته وأمه . 
وغزا  بهمن  رومية الداخلة  في ألف ألف مقاتل ، وكان ملوك الأرض يحملون إليه الإتاوة ، وكان أعظم ملوك الفرس شأنا وأفضلهم تدبيرا . 
وكانت أم بهمن  من نسل  بنيامين بن يعقوب  ، وأم ابنه  ساسان  من نسل سليمان بن داود    . 
 [ ص: 245 ] وكان ملك  بهمن  مائة وعشرين سنة ، وقيل : ثمانين سنة ، وكان متواضعا مرضيا فيهم ، وكانت كتبه تخرج : من  عبد الله خادم الله  السائس لأموركم . 
ثم ملكت بعده ابنته خمانى  ، ملكوها حبا لأبيها ولعقلها وفروسيتها ، وكانت تلقب  بشهرزاد  ، وقيل : إنها ملكت لأنها حين حملت منه  دارا الأكبر  سألته أن يعقد التاج له في بطنها ويؤثره بالملك ، ففعل  بهمن  وعقد التاج عليه حملا في بطنها ،  وساسان بن بهمن  رجل يتصنع للملك ، فلما رأى فعل أبيه لحق بإصطخر  وتزهد ولحق برءوس الجبال واتخذ غنما ، وكان يتولاها بنفسه ، فاستبشعت العامة ذلك منه . 
وهلك  بهمن  وابنه  دارا  في بطن أمه ، فملكوها ، ووضعته بعد أشهر من ملكها ، فأنفت من إظهار ذلك وجعلته في تابوت وجعلت معه جواهر وأجرته في نهر الكر  من إصطخر  ، وقيل : بنهر بلخ    . 
وسار التابوت إلى  طحان  من أهل إصطخر  ، ففرح لما فيه من الجواهر ، فحضنته امرأته ، ثم ظهر أمره حين شب ، فأقرت خمانى  بإساءتها ، فلما تكامل امتحن فوجد على غاية ما يكون أبناء الملوك ، فحولت التاج إليه وسارت إلى فارس وبنت مدينة إصطخر  ، وكانت قد أوتيت ظفرا وأغزت الروم وشغلت الأعداء من تطرق بلادها ، وخففت عن رعيتها الخراج ، وكان ملكها ثلاثين سنة . 
وقيل : إن خمانى أم دارا  حضنته حتى كبر فسلمت الملك إليه وعزلت نفسها ، فضبط الملك بشجاعة وحزم . 
ونرجع إلى   [ ص: 246 ] ذكر بني إسرائيل  ومقابلة تاريخ أيامهم إلى حين تصرمها ومدة من كان أيامهم من ملوك الفرس   . 
قد ذكرنا فيما مضى سبب انصراف من انصرف إلى بيت المقدس  من سبايا بني إسرائيل  الذين كان  بختنصر  سباهم ، وكان ذلك في أيام كيرش بن أخشويرش  ، وملكه ببابل  من قبل  بهمن  ، وأربع سنين بعد وفاته في ملك ابنته خمانى  ، وكانت مدة خراب بيت المقدس  من لدن خربه  بختنصر  مائة سنة ، كل ذلك في أيام  بهمن  بعضه وفي أيام ابنته خمانى  بعضه ، وقيل غير ذلك ، وقد تقدم ذكر الاختلاف . 
وقد زعم بعضهم أن  كيرش هو بشتاسب  ، وأنكر عليه قوله ولم يملك  كيرش  منفردا قط . 
ولما عمر بيت المقدس  ورجع إليه أهله كان فيهم  عزيز  ، وكان الملك عليهم بعد ذلك من قبل الفرس  إما رجل منهم وإما رجل من بني إسرائيل  ، إلى أن صار الملك بناحيتهم لليونانية والروم لسبب غلبة  الإسكندر  على الناحية حين قتل  دارا بن دارا  وكان جملة مدة ذلك فيما قيل ثمانيا وثمانين سنة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					