[ ص: 209 ] 113
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة ومائة
ذكر قتل عبد الوهاب
في هذه السنة ، وكان قد غزا مع قتل عبد الوهاب بن بخت عبد الله البطال أرض الروم ، فانهزم الناس عن البطال ، فحمل عبد الوهاب وهو يقول : ما رأيت فرسا أجبن منك ، سفك الله دمي إن لم أسفك دمك ! ( ثم ألقى بيضته عن رأسه وصاح : أنا عبد الوهاب بن بخت ! أمن الجنة تفرون ؟ ) ثم تقدم في نحر العدو ، فمر برجل يقول : واعطشاه ! فقال : تقدم ، الري أمامك . فخالط القوم فقتل وقتل فرسه .
ذكر وعوده غزوة مسلمة
وفيها فرق مسلمة الجيوش ببلاد خاقان ، ففتحت مدائن وحصون على يديه ، وقتل منهم وأسر وسبى وأحرق ، ودان له من وراء جبال بلنجر ، وقتل ابن خاقان ، فاجتمعت تلك الأمم جميعها ، الخزر وغيرهم عليه في جمع لا يعلم عددهم إلا الله تعالى ، وقد جاز مسلمة بلنجر فلما بلغه خبرهم أمر أصحابه ، فأوقدوا النيران ثم ترك خيامهم وأثقالهم وعاد هو وعسكره جريدة ، وقدم الضعفاء وأخر الشجعان ، وطووا المراحل كل مرحلتين في مرحلة حتى وصل إلى الباب والأبواب في آخر رمق .
ذكر عبد الرحمن أمير الأندلس وولاية عبد الملك بن قطن قتل
في هذه السنة ، وهي سنة ثلاث عشرة ومائة ، غزا أمير عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي الأندلس من قبل عبيدة بن عبد الرحمن السلمي ، وكان قد [ ص: 210 ] استعمل هشام بن عبد الملك عبيدة على إفريقية ( والأندلس سنة عشر ومائة ، فلما قدم إفريقية رأى ) المستنير بن الحارث الحريثي غازيا بصقلية ، وأقام هناك حتى هجم عليه الشتاء ثم قفل راجعا ، فغرق من معه وسلم المستنير في مركبه ، فحبسه عبيدة عقوبة له وجلده وشهره بالقيروان .
ثم إن عبيدة استعمل على الأندلس عبد الرحمن بن عبد الله ، فغزا إفرنجة وأوغل في أرضهم وغنم غنائم كثيرة ، وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصصة بالدر والياقوت والزمرد ، فكسرها وقسمها في الناس . فبلغ ذلك عبيدة ، فغضب غضبا شديدا ، فكتب إليه يتهدده ، فأجابه عبد الرحمن ، وكان رجلا صالحا : أما بعد فإن السماوات والأرض لو كانت رتقا لجعل الله للمتقين منها مخرجا . ثم خرج غازيا ( ببلاد الفرنج هذه السنة ، وقيل : سنة أربع عشرة ، وهو الصحيح ) ، فقتل هو ومن معه شهداء .
ثم إن عبيدة سار من إفريقية إلى الشام ومعه من الهدايا والإماء والعبيد والدواب وغير ذلك شيء كثير ، واستعفى هشاما ، فأجابه إلى ذلك وعزله ، وكان قد استعمل على الأندلس بعد قتل عبد الرحمن عبد الملك بن قطن .
ثم إن هشاما استعمل على إفريقية بعد عبيدة عبيد الله بن الحبحاب ، وكان على مصر ، فسار عبيد الله إلى إفريقية سنة ست عشرة ومائة فأخرج المستنير من الحبس وولاه تونس .
ثم إن عبيد الله جهز جيشا مع حبيب بن أبي عبيدة وسيرهم إلى أرض السودان ، فظفر بهم ظفرا لم يظفر أحد مثله وأصاب ما شاء ، ثم غزا البحر ثم انصرف .
ذكر عدة حوادث
[ الوفيات ]
في هذه السنة عدي بن ثابت الأنصاري . مات ، ومعاوية بن قرة بن إياس المزني والد إياس قاضي البصرة الذي يضرب بذكائه المثل . [ ص: 211 ] وفيها حرام بن سعيد بن محيصة أبو سعيد ، وعمره سبعون سنة ، ( حرام : بفتح الحاء المهملة ، وبالراء المهملة . توفي ومحيصة : بضم الميم ، وفتح الحاء المهملة ، وتشديد الياء المثناة من تحت ، وبالصاد المهملة ) .
وفيها طلحة بن مصرف الإيامي . توفي وعبد الله بن عبيد الله بن عمير الليثي . وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، ويكنى أبا جعفر ، وعمره سبع وسبعون سنة .
، وكان أصغر من أخيه ووهب بن منبه الصنعاني همام ، وكانوا خمسة إخوة : همام ووهب وغيلان وعقيل ومعقل ، وقيل : مات سنة عشر ومائة .
وفيها توفي الحر بن يوسف أمير الموصل ودفن بمقابر قريش بالموصل ، وكانت بإزاء داره المعروفة بالمنقوشة ، في ذي الحجة ، واستعمل هشام مكانه الوليد بن تليد العبسي ، وأمره بالجد في إتمام حفر النهر في البلد ، فشرع فيه واهتم بعمله .
وفيها غزا معاوية بن هشام أرض الروم ، فرابط من ناحية مرعش ثم رجع .
وفي هذه السنة سار جماعة من دعاة بني العباس إلى خراسان ، فأخذ الجنيد رجلا [ ص: 212 ] منهم فقتله وقال : من أصبت منهم فدمه هدر .
وحج بالناس هذه السنة سليمان بن هشام بن عبد الملك ، وقيل : إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي ، وكان العمال من تقدم ذكرهم .