[ ص: 229 ] 118
ثم دخلت سنة ثماني عشرة ومائة
في هذه السنة معاوية وسليمان ابنا هشام بن عبد الملك أرض الروم . غزا
ذكر دعاة بني العباس
في هذه السنة وجه بكير بن ماهان عمار بن يزيد إلى خراسان واليا على شيعة بني العباس ، فنزل مرو وغير اسمه وتسمى بخداش ، ودعا إلى محمد بن علي ، فسارع إليه الناس وأطاعوه ، ثم غير ما دعاهم إليه وتكذب وأظهر دين الخرمية [ ودعا إليه ] ، ورخص لبعضهم في نساء بعض ، وقال لهم : إنه لا صوم ولا صلاة ولا حج ، وإن تأويل الصوم أن يصام عن ذكر الإمام فلا يباح باسمه ، والصلاة الدعاء له ، والحج القصد إليه ، وكان يتأول من القرآن قوله تعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ) . وكان خداش نصرانيا بالكوفة فأسلم ولحق بخراسان .
وكان ممن اتبعه على مقالته مالك بن الهيثم ، والحريش بن سليم الأعجمي وغيرهما ، وأخبرهم أن محمد بن علي أمر بذلك .
فبلغ خبره أسد بن عبد الله ، فظفر به ، فأغلظ القول لأسد ، فقطع لسانه وسمل عينيه وقال : الحمد لله الذي انتقم لأبي بكر وعمر منك ! وأمر يحيى بن نعيم الشيباني فقتله وصلبه بآمل ، وأتي أسد بجزور مولى المهاجر بن دارة الضبي فضرب عنقه بشاطئ النهر .
ذكر ما كان من الحارث وأصحابه
وفي هذه السنة نزل أسد بلخا ، وسرح جديعا الكرماني إلى القلعة التي فيها أهل [ ص: 230 ] الحارث وأصحابه ، واسمها التبوشكان من طخارستان العليا ، وفيها بنو برزى التغلبيون أصهار الحارث ، فحصرهم الكرماني حتى فتحها ، فقتل بني برزى ، وسبى عامة أهلها من العرب والموالي والذراري ، وباعهم فيمن يزيد في سوق بلخ ، ونقم على الحارث أربعمائة وخمسون رجلا من أصحابه ، وكان رئيسهم جرير بن ميمون القاضي ، فقال لهم الحارث إن كنتم لا بد مفارقي فاطلبوا الأمان وأنا شاهد فإنهم يجيبونكم ، وإن ارتحلت قبل ذلك لم يعطوا الأمان . فقالوا : ارتحل أنت وخلنا . وأرسلوا يطلبون الأمان ، فأخبر أسد أن القوم ليس لهم طعام ولا ماء ، فسرح إليهم أسد جديعا الكرماني في ستة آلاف ، فحصرهم في القلعة وقد عطش أهلها وجاعوا ، فسألوا أن ينزلوا على الحكم ويترك لهم نساءهم وأولادهم ، فأجابهم ، فنزلوا على حكم أسد فأرسل إلى الكرماني يأمره أن يحمل إليه خمسين رجلا من وجوههم فيهم المهاجر بن ميمون ، فحملوا إليه ، فقتلهم وكتب إلى الكرماني أن يجعل الذين بقوا عنده أثلاثا ، فثلث يقتلهم ، وثلث يقطع أيديهم وأرجلهم ، وثلث يقطع أيديهم ، ففعل ذلك الكرماني وأخرج أثقالهم فباعها . واتخذ أسد مدينة بلخ دارا ، ونقل إليها الدواوين ، ثم غزا طخارستان ثم أرض جبغويه فغنم وسبى .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة هشام خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم عن المدينة ، واستعمل عليها خاله عزل محمد بن هشام بن إسماعيل .
وفيها من مروان بن محمد بن مروان إرمينية ، ودخل أرض غزا ورتنيس من ثلاثة أبواب ، فهرب منه ورتنيس إلى الخزر ونزل حصنه ، فحصره مروان ونصب عليه المجانيق ، فقتل ورتنيس ، قتله بعض من اجتاز به وأرسل رأسه إلى مروان ، فنصبه لأهل حصنه ، فنزلوا على حكمه ، فقتل القاتلة وسبى الذرية .
[ ص: 231 ] وفي هذه السنة ، وكان موته علي بن عبد الله بن عباس بالحميمة من أرض الشام وهو ابن سبع أو ثمان وسبعين سنة ، وقيل : إنه ولد في الليلة التي قتل فيها مات ، فسماه أبوه علي بن أبي طالب عليا ، وقال : سميته باسم أحب الناس إلي ، وكناه أبا الحسن ، فلما قدم على أكرمه وأجلسه معه على سريره وسأله عن كنيته ، فأخبره ، فقال : لا يجتمع في عسكري هذا الاسم والكنية لأحد ، وسأله : هل ولد لك ولد ؟ قال : نعم ، وقد سميته عبد الملك بن مروان محمدا . قال : فأنت أبو محمد .
وحج بالناس هذه السنة محمد بن هشام بن إسماعيل ، وكان أمير المدينة ، وقيل : كان هذه السنة على المدينة خالد بن عبد الملك ، وكان على العراق والمشرق كله ، وعامله على خالد القسري خراسان أخوه أسد ، وعامله على البصرة بلال بن أبي بردة ، وكان على إرمينية . مروان بن محمد بن مروان
[ الوفيات ]
وفي هذه السنة مات قاضي الأردن . عبادة بن نسي ، ومات وعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العباس بالطائف . . [ ص: 232 ] وأبو صخرة جامع بن شداد وأبو عشانة المعافري . وعبد الرحمن بن سابط .