ذكر الحارث بن السريج إلى مرو رجوع
وفي هذه السنة رجع الحارث إلى مرو ، وكان مقيما عند المشركين مدة ، وقد تقدم سبب عوده ، وكان قدومه مرو في جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين ، فلقيه الناس بكشميهن ، فلما لقيهم قال : ما قرت عيني منذ خرجت إلى يومي هذا ، وما قرة عيني إلا أن يطاع الله . ولقيه نصر وأنزله وأجرى عليه كل يوم خمسين درهما ، فكان يقتصر على لون واحد ، وأطلق نصر أهله وأولاده ، وعرض عليه نصر أن يوليه ويعطيه مائة ألف دينار ، فلم يقبل وأرسل إلى نصر : إني لست من الدنيا واللذات في شيء ، إنما أسألك كتاب الله والعمل بالسنة ، واستعمال أهل الخير ، فإن فعلت ساعدتك على عدوك .
وأرسل الحارث إلى الكرماني : إن أعطاني نصر العمل بالكتاب وما سألته عضدته وقمت بأمر الله ، وإن لم يفعل أعنتك إن ضمنت لي القيام بالعدل والسنة .
ودعا بني تميم إلى نفسه ، فأجابه منهم ومن غيرهم جمع كثير ، واجتمع إليه ثلاثة آلاف ، وقال لنصر : إنما خرجت من هذه البلدة ثلاث عشرة سنة إنكارا للجور وأنت تريدني عليه .