ذكر هرب   نصر بن سيار  من مرو   
ثم أرسل  أبو مسلم  لاهز بن قريظ  في جماعة إلى   نصر بن سيار  يدعوه إلى كتاب الله - عز وجل - والرضاء من آل محمد  ، فلما رأى ما جاءه من اليمانية  والربيعية  والعجم  ، وأنه لا طاقة له بهم أظهر قبول ما أتاه به ، وأنه يأتيه ويبايعه ، وجعل يربثهم لما هم [ به ] من الغدر والهرب ، إلى أن أمسوا ، وأمر أصحابه أن يخرجوا من ليلتهم إلى مكان يأمنون فيه ، فقال له  سالم بن أحوز     : لا يتهيأ لنا الخروج ( الليلة ولكننا نخرج ) القابلة . 
فلما كان الغد عبأ  أبو مسلم  أصحابه وكتائبه إلى بعد الظهر ، وأعاد إلى  نصر  لاهز بن قريظ  وجماعة معه ، فدخلوا على  نصر     . فقال : ما أسرع ما عدتم ! فقال له  لاهز بن قريظ     : لا بد لك من ذلك . فقال  نصر     : إذا كان لا بد من ذلك فإني أتوضأ وأخرج إليه ، وأرسل إلى  أبي مسلم  ، فإن كان هذا رأيه وأمره أتيته ، وأتهيأ إلى أن يجيء رسولي . فقام  نصر  ، فلما قام قرأ  لاهز بن قريظ     : إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين    . فدخل  نصر  منزله ، وأعلمهم أنه ينتظر انصراف رسوله من عند  أبي مسلم     . فلما جنه الليل خرج من خلف حجرته ومعه  تميم  ابنه  والحكم بن نميلة النميري  وامرأته المرزبانة وانطلقوا هرابا ، فلما استبطأه  لاهز  وأصحابه دخلوا منزله فوجدوه قد هرب . 
فلما بلغ  أبا مسلم  سار إلى معسكر  نصر  ، وأخذ ثقات أصحابه وصناديدهم فكتفهم ، وكان فيهم  سالم بن أحوز  صاحب شرطة  نصر  ،   والبختري  كاتبه ، وابنان له ،  ويونس بن عبدويه  ،  ومحمد بن قطن  ،  ومجاهد بن يحيى بن حضين  ، وغيرهم ، فاستوثق منهم بالحديد ، وكانوا في الحبس عنده ، وسار  أبو مسلم  وابن الكرماني  في طلب  نصر  ليلتهما ، فأدركا امرأته قد خلفها وسار ، فرجع  أبو مسلم  وابن الكرماني  إلى مرو  ،   [ ص: 379 ] وسار  نصر  إلى سرخس  ، واجتمع معه ثلاثة آلاف رجل ، ولما رجع  أبو مسلم  سأل من كان أرسله إلى  نصر     : ما الذي ارتاب به  نصر  حتى هرب ؟ قالوا : لا ندري . قال : فهل تكلم أحد منكم بشيء ؟ قالوا : تلا  لاهز  هذه الآية : ( إن الملأ يأتمرون بك    ) . قال : هذا الذي دعاه إلى الهرب . ثم قال : يا  لاهز  تدغل في الدين ! ثم قتله . 
واستشار  أبو مسلم  أبا طلحة  في أصحاب  نصر  فقال : اجعل سوطك السيف وسجنك القبر . فقتلهم  أبو مسلم  ، وكان عدتهم أربعة وعشرين رجلا . 
وأما  نصر  فإنه سار من سرخس  إلى طوس  فأقام بها خمسة عشر يوما ، وبسرخس  يوما ، ثم سار إلى نيسابور  فأقام بها ، ودخل  ابن الكرماني  مرو  مع  أبي مسلم  ، وتابعه على رأي وعاقده عليه . 
(  يحيى بن حضين     : بضم الحاء المهملة ، وفتح الضاد المعجمة ، وآخره نون ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					