[ ص: 390 ] ذكر قحطبة الري دخول
ولما مات بعث نصر بن سيار الحسن بن قحطبة خزيمة بن خازم إلى سمنان ، وأقبل قحطبة من جرجان ، وقدم أمامه زياد بن زرارة القشيري ، وكان قد ندم على اتباع أبي مسلم ، فانخذل عن قحطبة فأخذ طريق أصبهان يريد أن يأتي عامر بن ضبارة ، فوجه قحطبة المسيب بن زهير الضبي ، فلحقه من غد بعد العصر فقاتله ، فانهزم زياد وقتل عامة من معه ، ورجع المسيب بن زهير إلى قحطبة .
ثم سار قحطبة إلى قومس ، وبها ابنه الحسن ، وقدم خزيمة بن خازم سمنان ، فقدم قحطبة ابنه الحسن إلى الري .
وبلغ حبيب بن بديل النهشلي ومن معه من أهل الشام مسير الحسن ، فخرجوا عن الري ، ودخل الحسن في صفر فأقام حتى قدم أبوه ، ولما قدم قحطبة الري كتب إلى أبي مسلم يعلمه بذلك .
ولما استقر أمر بني العباس بالري هرب أكثر أهلها لميلهم إلى بني أمية لأنهم كانوا سفيانية ، فأمر أبو مسلم بأخذ أملاكهم وأموالهم ، ولما عادوا من الحج أقاموا بالكوفة سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، ثم كتبوا إلى يتظلمون من السفاح أبي مسلم ، فأمر برد أملاكهم فأعاد أبو مسلم الجواب يعرف حالهم وأنهم أشد الأعداء ، فلم يسمع قوله وعزم على أبي مسلم برد أملاكهم ، ففعل .
ولما دخل قحطبة الري وأقام بها أخذ أمره بالحزم والاحتياط والحفظ وضبط الطرق ، وكان لا يسلكها أحد إلا بجواز منه ، فأقامبالري وبلغه أن بدستبى قوما من الخوارج وصعاليك تجمعوا بها ، فوجه إليهم أبا عون في عسكر كثيف ، فنازلهم ودعاهم إلى كتاب الله وسنة رسوله وإلى الرضاء من آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يجيبوه ، فقاتلهم قتالا شديدا حتى ظفر بهم ، فتحصن عدة منهم حتى آمنهم أبو عون ، فخرجوا إليه ، وأقام معه بعضهم وتفرق بعضهم .
وكتب أبو مسلم إلى أصبهبذ طبرستان يدعوه إلى الطاعة وأداء الخراج ، فأجابه إلى ذلك ، وكتب إلى المصمغان صاحب دنباوند بمثل ذلك ، فأجابه : إنما أنت خارجي وإن أمرك سينقضي .
فغضب أبو مسلم وكتب إلى موسى بن كعب ، وهو بالري ، يأمره بالمسير إليه وقتاله إلى أن يذعن بالطاعة ، فسار إليه وراسله ، فامتنع من الطاعة وأداء الخراج ، فأقام موسى [ ص: 391 ] ولم يتمكن من المصمغان لضيق بلاده ، وكان المصمغان يرسل إليه كل يوم عدة كثيرة من الديلم يقاتله في عسكره ، وأخذ عليه الطرق ، ومنع الميرة ، وكثرت في أصحاب موسى الجراح والقتل .
فلما رأى أنه لا يبلغ غرضا عاد إلى الري ، ولم يزل المصمغان ممتنعا إلى أيام المنصور ، فأغزاه جيشا كثيفا عليهم حماد بن عمرو ، ففتح دنباوند على يده .
ولما ورد كتاب قحطبة على أبي مسلم بنزوله الري ارتحل أبو مسلم ، فيما ذكر ، عن مرو فنزل نيسابور .
وأما قحطبة فإنه سير ابنه الحسن بعد نزوله الري بثلاث ليال إلى همذان ، فلما توجه إليها سار عنها مالك بن أدهم ومن كان بها من أهل الشام وأهل خراسان إلى نهاوند فأقام بها ، وفارقه ناس كثير ، ودخل الحسن همذان وسار منها إلى نهاوند فنزل على أربعة فراسخ من المدينة ، فأمده قحطبة بأبي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة ، وأطال حتى أطاف بالمدينة وحصرهم .