[ ص: 396 ] 132
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائة ذكر هلاك قحطبة وهزيمة ابن هبيرة
وفي هذه السنة قحطبة بن شبيب . هلك
وكان سبب ذلك أن قحطبة لما عبر الفرات وصار في غربيه ، وذلك في المحرم لثمان مضين منه ، وكان ابن هبيرة قد عسكر على فم الفرات من أرض الفلوجة العليا على رأس ثلاثة وعشرين فرسخا من الكوفة ، وقد اجتمع إليه فل بن ضبارة ، فأمده مروان بحوثرة الباهلي ، فقال حوثرة وغيره لابن هبيرة : إن قحطبة قد مضى يريد الكوفة ، فاقصد أنت خراسان ودعه ومروان فإنك تكسره وبالحري أن يتبعك ، قال : ما كان ليتبعني ويدع الكوفة ، ولكن الرأي أن أبادره إلى الكوفة ، فعبر دجلة من المدائن يريد الكوفة ، فاستعمل على مقدمته حوثرة وأمره بالمسير إلى الكوفة ، والفريقان يسيران على جانبي الفرات . وقال قحطبة : إن الإمام أخبرني أن [ لي ] في هذا المكان وقعة يكون النصر [ فيها ] لنا .
ونزل قحطبة الجبارية ، وقد دلوه على مخاضة ، فعبر منها وقاتل حوثرة ومحمد بن نباتة ، فانهزم أهل الشام وفقدوا قحطبة ، فقال أصحابه : من كان عنده عهد من قحطبة فليخبرنا به . فقال مقاتل بن مالك العتكي : سمعت قحطبة يقول : إن حدث بي حدث فالحسن ابني أمير الناس .
فبايع الناس حميد بن قحطبة لأخيه الحسن ، وكان قد سيره أبوه في سرية ، فأرسلوا إليه فأحضروه ، وسلموا إليه الأمر .
ولما فقدوا قحطبة بحثوا عنه فوجدوه في جدول وحرب بن سالم بن أحوز قتيلين ، فظنوا أن كل واحد منهما قتل صاحبه .
[ ص: 397 ] وقيل : إن ضرب معن بن زائدة قحطبة لما عبر الفرات على حبل عاتقه فسقط في الماء فأخرجوه ، فقال : شدوا يدي إذا مت وألقوني في الماء لئلا يعلم الناس بقتلي .
وقاتل أهل خراسان فانهزم محمد بن نباتة وأهل الشام ، ومات قحطبة ، وقال قبل موته : إذا قدمتم الكوفة فوزير آل محمد أبو سلمة الخلال فسلموا هذا الأمر إليه .
وقيل : بل غرق قحطبة .
ولما انهزم ابن نباتة وحوثرة لحقوا بابن هبيرة ، فانهزم ابن هبيرة بهزيمتهم ، ولحقوا بواسط وتركوا عسكرهم وما فيه من الأموال والسلاح وغير ذلك . ولما قام الحسن بن قحطبة بالأمر أمر بإحصاء ما في العسكر .
وقيل : إن حوثرة كان بالكوفة فبلغه هزيمة ابن هبيرة فسار إليه فيمن معه .