[ ص: 48 ] 136
ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائة
ذكر أبي جعفر وأبي مسلم حج
وفي هذه السنة كتب أبو مسلم إلى يستأذنه في القدوم عليه والحج ، وكان مذ ملك السفاح خراسان لم يفارقها إلى هذه السنة . فكتب إليه يأمره بالقدوم عليه في خمسمائة من الجند ، فكتب السفاح أبو مسلم إليه : إني قد وترت الناس ، ولست آمن على نفسي . فكتب إليه : أن أقبل في ألف ، فإنما أنت في سلطان أهلك ودولتك وطريق مكة لا يتحمل العسكر .
فسار في ثمانية آلاف ، فرقهم فيما بين نيسابور والري ، وقدم بالأموال والخزائن فخلفها بالري ، وجمع أيضا أموال الجبل ، وقدم في ألف ، فأمر القواد وسائر الناس أن يتلقوه ، فدخل السفاح أبو مسلم على ، فأكرمه وأعظمه ، ثم استأذن السفاح في الحج ، فأذن له وقال : لولا أن السفاح أبا جعفر ، يعني أخاه المنصور ، يريد الحج لاستعملتك على الموسم ، وأنزله قريبا منه .
وكان ما بين أبي جعفر وأبي مسلم متباعدا ; لأن كان بعث السفاح أبا جعفر إلى خراسان بعدما صفت الأمور له ومعه عهد أبي مسلم بخراسان ، وبالبيعة للسفاح ، من بعده ، فبايع لهما وأبي جعفر المنصور أبو مسلم وأهل خراسان ، وكان أبو مسلم قد استخف بأبي جعفر .
فلما رجع أخبر ما كان من أمر السفاح أبي مسلم ، فلما قدم أبو مسلم هذه المرة قال أبو جعفر للسفاح : أطعني واقتل أبا مسلم ، فوالله إن في رأسه لغدرة . فقال : قد عرفت بلاءه وما كان منه .
فقال أبو جعفر : إنما كان بدولتنا ، والله لو بعثت سنورا لقام مقامه ، وبلغ ما بلغ . فقال : كيف نقتله ؟ قال : [ إذا ] دخل عليك وحادثته ضربته أنا [ ص: 49 ] من خلفه ضربة قتلته بها . قال : فكيف بأصحابه ؟ قال أبو جعفر : لو قتل لتفرقوا وذلوا . فأمره بقتله ، وخرج أبو جعفر . ثم ندم على ذلك فأمر السفاح أبا جعفر بالكف عنه .
وكان أبو جعفر قبل ذلك بحران وسار منها إلى الأنبار وبها ، واستخلف على السفاح حران مقاتل بن حكيم العكي .
وحج أبو جعفر وأبو مسلم ، وكان أبو جعفر على الموسم .
وفيها مات . زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب