[ ص: 223 ] 161
ثم دخلت سنة إحدى وستين ومائة
ذكر المقنع هلاك
في هذه السنة سار معاذ بن مسلم وجماعة من القواد والعساكر إلى المقنع ، وعلى مقدمته سعيد الحرشي ، وأتاه عقبة بن مسلم من زم ، فاجتمع به بالطواويس ، وأوقعوا بأصحاب المقنع ، فهزموهم ، فقصد المنهزمون إلى المقنع بسنام فعمل خندقها وحصنها ، وأتاهم معاذ فحاربهم ، فجرى بينه وبين الحرشي نفرة .
فكتب الحرشي إلى المهدي يقع في معاذ ، ويضمن له الكفاية إن أفرده بحرب المقنع ، فأجابه المهدي إلى ذلك ، فانفرد الحرشي بحربه ، وأمده معاذ بابنه رجاء في جيش ، وبكل ما التمسه منه .
وطال الحصار على المقنع ، فطلب أصحابه الأمان سرا منه ، فأجابهم الحرشي إلى ذلك ، فخرج نحو ثلاثين ألفا ، وبقي معه زهاء ألفين من أرباب البصائر . وتحول رجاء بن معاذ وغيره فنزلوا خندق المقنع في أصل القلعة ، وضايقوه .
فلما أيقن بالهلاك جمع نساءه وأهله ، وسقاهم السم ، فأتى عليهم ، وأمر أن يحرق هو بالنار لئلا يقدر على جثته .
وقيل : بل أحرق كل ما في قلعته من دابة وثوب وغير ذلك ، ثم قال : من أحب أن يرتفع معي إلى السماء فليلق نفسه معي في هذه النار ! وألقى بنفسه مع أهله ، ونسائه ، وخواصه ، فاحترقوا ، ودخل العسكر القلعة ، فوجدوها خالية خاوية .
[ ص: 224 ] وكان ذلك مما زاد في افتتان من بقي من أصحابه ، والذين يسمون المبيضة بما وراء النهر من أصحابه ، إلا أنهم يسرون ( اعتقادهم ) ، وقيل : بل شرب هو أيضا من السم ، فمات ، فأنفذ الحرشي رأسه إلى المهدي ، فوصل إليه وهو بحلب سنة ثلاث وستين ومائة ( في غزواته ) .