[ ص: 207 ] 251
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين ومائتين
ذكر باغر التركي قتل
وفي هذه السنة قتل باغر التركي ، قتله وصيف وبغا .
وكان السبب أن باغر كان أحد قتلة المتوكل ، فزيد في أرزاقه ، فأقطع قطائع ، فكان مما أقطع قرى بسواد الكوفة ، فتضمنها رجل من أهل باروسما بألفي دينار ، فوثب رجل من أهل تلك الناحية ، يقال له ابن مارمة ، بوكيل لباغر ، وتناوله ، فحبس ابن مارمة ، وقيد ، ثم تخلص ، وسار إلى سامرا ، فلقي دليل بن يعقوب النصراني ، وهو يومئذ صاحب أمر بغا الشرابي والحاكم في الدولة ، وكان ابن مارمة صديقا له ، وكان باغر أحد قواد بغا ، فمنعه دليل من ظلم أحمد بن مارمة ، فانتصف له منه ، فغضب باغر وباين دليلا .
وكان باغر شجاعا يتقيه بغا وغيره ، فحضر عند بغا في ذي الحجة من سنة خمسين [ ومائتين ] وهو سكران ، وبغا في الحمام ، فدخل إليه وقال : من قتل دليلا ( يقتل به ) ، فقال له بغا : لو أردت ولدي ما منعتك منه ، ولكن اصبر ، فإن أمور الخلافة بيد دليل ، وأقيم غيره ، ( ثم افعل به ما تريد .
[ ص: 208 ] وأرسل بغا إلى دليل يأمره ألا يركب ، وعرفه الخبر ، وأقام في كتابته غيره ) ، وتوهم باغر أنه قد عزله ، فسكن باغر ، ثم أصلح بينهما بغا ، وباغر يتهدده ، ولزم باغر خدمة المستعين ، ( فقيل ذلك للمستعين ) .
فلما كان يوم نوبة بغا في منزله قال المستعين : أي شيء كان إلى إيتاخ من الخدمة ؟ فأخبره وصيف ، فقال : ينبغي أن تجعل هذه الأعمال إلى باغر ، وسمع دليل ذلك ، فركب إلى بغا ، فقال له : أنت في بيتك ، وهم في تدبير عزلك ، فإذا عزلت قتلت .
فركب بغا إلى دار الخليفة في يومه ، وقال لوصيف : أردت أن تعزلني ؟ فحلف أنه ما علم ما أراد الخليفة ، فتعاقدا على تنحية باغر من الدار والحيلة عليه ، فأرجفا له أنه يؤمر ، ويخلع عليه ، ويكون موضع بغا ووصيف ، فأحس باغر ومن معه بالشر ، فجمع إليه الجماعة الذين كانوا بايعوه على قتل المتوكل ، ومعهم غيرهم ، فجدد العهد عليهم في قتل المستعين ، وبغا ، ووصيف ، وقال : نبايع على ابن المعتصم ، أو ابن الواثق ، ويكون الأمر لنا كما هو لهذين ، فأجابوه إلى ذلك .
وانتهى الخبر إلى المستعين ، فبعث إلى بغا ووصيف ، وقال لهما : أنتما جعلتماني خليفة ، ثم تريدان قتلي ؟ فحلفا أنهما ما علما بذلك ، فأعلمهما الخبر ، فاتفق رأيهم على أخذ باغر ورجلين من الأتراك معه ، وحبسهم ، فأحضروا باغر ، فأقبل في عدة ، فعدل به إلى حمام وحبس فيه .
وبلغ الخبر الأتراك ، فوثبوا على إصطبل الخليفة ، فانتهبوه وركبوا ما فيه ، وحصروا الجوسق بالسلاح ، فأمر بغا ووصيف بقتل باغر فقتل .