[ ص: 504 ]   286 
ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائتين  
وفي هذه السنة وجه  محمد بن أبي الساج المعروف بأبي المسافر  إلى بغداذ  رهينة بما ضمن من الطاعة والمناصحة ، ومعه هدايا جليلة . 
وفيها أرسل  عمرو بن الليث  هدية إلى  المعتضد  من نيسابور  ، فكانت قيمتها أربعة آلاف [ ألف ] درهم . 
ذكر ابتداء أمر القرامطة  بالبحرين   
وفيها ظهر رجل من القرامطة  يعرف  بأبي سعيد الجنابي  بالبحرين  ، فاجتمع إليه جماعة من الأعراب والقرامطة  ، وقوي أمره ، فقتل ما حوله من أهل القرى ، ثم سار إلى القطيف  فقتل [ من ] بها ، وأظهر أنه يريد البصرة  ، فكتب  أحمد بن محمد بن يحيى الواثقي  ، وكان متولي البصرة  ، إلى  المعتضد  بذلك ، فأمره بعمل سور على البصرة  ، وكان مبلغ الخرج عليه أربعة عشر ألف دينار . 
وكان ابتداء القرامطة  بناحية البحرين  أن رجلا يعرف  بيحيى بن المهدي  قصد القطيف  فنزل على رجل يعرف  بعلي بن المعلى بن حمدان ، مولى الزياديين   ، وكان مغاليا في التشيع  ، فأظهر له  يحيى  أنه رسول  المهدي  ، وكان ذلك سنة إحدى   [ ص: 505 ] وثمانين ومائتين ، وذكر أنه خرج إلى شيعته في البلاد يدعوهم إلى أمره ، وأن ظهوره قد قرب ; فوجه  علي بن المعلى  إلى الشيعة  من أهل القطيف  فجمعهم ، وأقرأهم الكتاب الذي مع  يحيى بن المهدي  إليهم من  المهدي  ، فأجابوه ، وأنهم خارجون معه إذا أظهر أمره ، ووجه إلى سائر قرى البحرين  بمثل ذلك فأجابوه . 
وكان فيمن أجابه  أبو سعيد الجنابي  ، وكان يبيع للناس الطعام ، ويحسب لهم بيعهم ، ثم غاب عنهم  يحيى بن المهدي  مدة ، ثم رجع ومعه كتاب يزعم أنه من  المهدي  إلى شيعته ، فيه : قد عرفني رسولي  يحيى بن المهدي  مسارعتكم إلى أمري ، فليدفع إليه كل رجل منكم ستة دنانير وثلثين ; ففعلوا ذلك . 
ثم غاب عنهم ، وعاد ومعه كتاب فيه أن ادفعوا إلى  يحيى  خمس أموالكم ، فدفعوا إليه الخمس . 
وكان  يحيى  يتردد في قبائل قيس  ، ويورد إليهم كتبا يزعم أنها من  المهدي  ، وأنه ظاهر ، فكونوا على أهبة . 
وحكى إنسان منهم يقال له  إبراهيم الصائغ  أنه كان عند  أبي سعيد الجنابي  ، وأتاه  يحيى  ، فأكلوا طعاما ، فلما فرغوا خرج  أبو سعيد  من بيته ، وأمر امرأته أن تدخل إلى  يحيى  ، وأن لا تمنعه إن أراد ، فانتهى هذا الخبر إلى الوالي ، فأخذ  يحيى  فضربه ، وحلق رأسه ، ولحيته ، وهرب  أبو سعيد الجنابي  إلى جنابا  ، وسار  يحيى بن المهدي  إلى بني كلاب  ، وعقيل  ، والخريس  ، فاجتمعوا معه ومع  أبي سعيد  ، فعظم أمر  أبي سعيد  ، وكان منه ما يأتي ذكره . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					