ذكر زكرويه لعنه الله قتل
لما فعل زكرويه بالحجاج ما ذكرناه عظم ذلك على الخليفة خاصة ، وعلى جميع المسلمين عامة ، فجهز المكتفي الجيوش ، فلما كان أول ربيع الأول سير وصيف بن صوارتكين مع جماعة من القواد والعساكر إلى القرامطة ، فسار على طريق حفان ، فلقيهم زكرويه ، ومن معه من القرامطة ، ثامن ربيع الأول ، فاقتتلوا يومهم ، ( ثم حجز بينهم الليل ، وباتوا يتحارسون ، ثم بكروا للقتال ، فاقتتلوا قتالا شديدا ) ، فقتل من القرامطة مقتلة عظيمة .
ووصل عسكر الخليفة إلى عدو الله زكرويه ، فضربه بعض الجند وهو مول بالسيف على رأسه ، فبلغت الضربة دماغه ، وأخذه أسيرا ، وأخذ خليفته وجماعة من خواصه وأقربائه ، وفيهم ابنه ، وكاتبه ، وزوجته ، واحتوى الجند على ما في العسكر .
وعاش زكرويه خمسة أيام ومات ، فسيرت جيفته والأسرى إلى بغداذ ، وانهزم جماعة من أصحابه إلى الشام ، فأوقع بهم الحسين بن حمدان ، فقتلوهم جميعا ، وأخذوا جماعة من النساء والصبيان ، وحمل رأس زكرويه إلى خراسان ، لئلا ينقطع الحجاج ، وأخذ الأعراب رجلين من أصحاب زكرويه يعرف أحدهما بالحداد ، والآخر بالمنتقم ، وهو أخو امرأة زكرويه ، كانا قد سارا إليهم يدعوانهم إلى الخروج معهم ، فلما
[ ص: 558 ] أخذوهما سيروهما إلى بغداذ ، وتتبع الخليفة القرامطة بالعراق ، فقتل بعضهم ، وحبس بعضهم ، ومات بعضهم في الحبس .