[ ص: 633 ] 302
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثمائة
في هذه السنة بالمسير إلى علي بن عيسى الوزير طرسوس لغزو الصائفة فسار في ألفي فارس معونة أمر لبشر الخادم والي طرسوس ، فلم يتيسر لهم غزو الصائفة ، فغزوها شاتية في برد شديد وثلج .
وفيها تنحى الحسن بن علي الأطروش العلوي عن آمل ، بعد غلبته عليها ، كما ذكرناه ، وسار إلى سالوس ، ووجه إليه صعلوك جيشا من الري فلقيهم الحسن ، وهزمهم ، وعاد إلى آمل .
وكان الحسن بن علي حسن السيرة ، عادلا ، ولم ير الناس مثله في عدله وحسن سيرته ، وإقامته الحق ، وقد ذكره ابن مسكويه في كتاب " تجارب الأمم " فقال : الحسن بن علي الداعي ، وليس به ، إنما الداعي علي بن القاسم ، وهو ختن هذا على ما ذكرناه .
وفيها قبض المقتدر على ، وأخذ ما في بيته من صنوف الأموال ، وكان قيمته أربعة آلاف ألف دينار ، وكان هو يدعي أن قيمة ما أخذ منه عشرون ألف ألف دينار وأكثر من ذلك . أبي عبد الله الحسين بن عبد الله المعروف بابن الجصاص الجوهري
[ ص: 634 ] ذكر منصور بن إسحاق مخالفة
وفي هذه السنة خالف منصور بن إسحاق بن أحمد بن أسد على الأمير نصر بن أحمد ، ووافقه على المخالفة الحسين بن علي المروروذي ، ومحمد بن حيد .
وكان سبب ذلك أن الحسين بن علي لما افتتح سجستان ، الدفعة الأولى على ما ذكرناه ، للأمير أحمد بن إسماعيل طمع أن يتولاها ، فوليها المنصور بن إسحاق هذا ، ( فخالف أهلها ، وحبسوا منصورا ، فأنفذ الأمير أحمد عليا أيضا ) ، فافتتحها ثانيا ، وطمع أن يتولاها فوليها سيمجور ، وقد ذكرنا هذا جميعه .
فلما وليها سيمجور استوحش علي لذلك ، ونفر منه ، وتحدث مع منصور بن إسحاق في الموافقة والتعاضد بعد موت الأمير أحمد ، وتكون إمارة خراسان لمنصور ، ويكون الحسين بن علي خليفته على أعماله ، فاتفقا على ذلك فلما قتل الأمير أحمد بن إسماعيل كان منصور بن إسحاق بنيسابور ، ( والحسين بهراة ، فأظهر الحسين العصيان ، وسار إلى منصور يحثه على ما كان اتفقا عليه ، فخالف أيضا ، وخطب لمنصور بنيسابور فتوجه إليها من بخارى حمويه بن علي في عسكر ضخم لمحاربتهما ، فاتفق أن منصورا مات ، فقيل إن الحسين بن علي سمه ، فلما قاربه حمويه سار الحسين بن علي عن نيسابور إلى هراة وأقام بها .
وكان محمد بن حيد ( على شرطة ) بخارى مدة طويلة ، فسير من بخارى إلى نيسابور لشغل يقوم به ، فوردها ، ثم عاد عنها بغير أمر ، فكتب إليه من بخارى بالإنكار عليه ، فخاف على نفسه ، فعدل عن الطريق إلى الحسين بن علي بهراة ، فسار الحسين بن علي من هراة إلى نيسابور ، واستخلف بهراة أخاه منصور بن علي ، واستولى [ ص: 635 ] على نيسابور ، فسير من بخارى إليه أحمد بن سهل لمحاربته ، فابتدأ أحمد بهراة فحصرها وأخذها ، واستأمن إليه منصور بن علي .
وسار أحمد من هراة إلى نيسابور ، وكان وصوله إليها في ربيع الأول سنة ست وثلاثمائة ، فنازل الحسين ، وحصره ، وقاتله ، فانهزم أصحاب الحسين ، وأسر الحسين بن علي ، وأقام أحمد بن سهل بنيسابور .
وكان ينبغي أن نذكر استيلاء أحمد على نيسابور ، وأسر الحسين سنة ست وثلاثمائة ، لكن رأينا أن نجمع سياق الحادثة لئلا ينسى أولها .
وأما ابن حيد فإنه كان بمرو ، فلما بلغه استيلاء أحمد بن سهل على نيسابور ، وأسره الحسين بن علي ، سار إليه فقبض عليه أحمد وأخذ ماله وسواده ، وسيره إلى والحسين بن علي بخارى ، فأما ابن حيد فإنه سير إلى خوارزم فمات بها .
وأما الحسين بن علي فإنه حبس ببخارى إلى أن خلصه أبو عبد الله الجيهاني وعاد إلى خدمة الأمير نصر بن أحمد ، فبينما هو يوما عنده إذ طلب الأمير نصر ماء ، فأتي بماء في كوز غير حسن الصنعة ، فقال الحسين بن علي لأحمد ( بن حمويه ، وكان حاضرا : ألا يهدي والدك ) [ إلى ] الأمير من نيسابور من هذه الكيزان اللطاف النظاف ؟ فقال أحمد : إنما يهدي أبي إلى الأمير مثلك ومثل أحمد بن سهل ، ومثل ليلى الديلمي ، لا الكيزان ، فأطرق الحسين مفحما ، وأعجب نصرا قوله .