ذكر بناء المهدية  
في هذه السنة خرج  المهدي  بنفسه إلى تونس  وقرطاجنة  وغيرهما يرتاد موضعا على   [ ص: 641 ] ساحل البحر يتخذ فيه مدينة . 
وكان يجد في الكتب خروج  أبي يزيد  على دولته ، ومن أجله بنى المهدية  ، فلم يجد موضعا أحسن ولا أحصن من موضع المهدية  ، وهي جزيرة متصلة بالبر كهيئة كف متصلة بزنذ ، فبناها وجعلها دار ملكه ، وجعل لها سورا محكما وأبوابا عظيمة وزن كل مصراع مائة قنطار . 
وكان ابتداء بنائها يوم السبت لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثمائة ، فلما ارتفع السور أمر راميا [ أن ] يرمي بالقوس سهما إلى ناحية المغرب ، فرمى سهمه فانتهى إلى موضع المصلى ، فقال : إلى موضع هذا يصل صاحب الحمار ، يعني  أبا يزيد الخارجي  ، لأنه كان يركب حمارا . 
وكان يأمر الصناع بما يعملون ، ثم أمر أن ينقر دار صناعة في الجبل تسعمائة شيني ، وعليها باب مغلق ، ونقر في أرضها أهراء للطعام ، ومصانع للماء ، وبنى فيها القصور والدور ، فلما فرغ منها قال : اليوم أمنت على الفاطميات ، يعني بناته ، وارتحل عنها . 
ولما رأى إعجاب الناس بها ، وبحصانتها ، كان يقول : هذا لساعة من نهار ، وكان كذلك لأن  أبا يزيد  وصل إلى موضع السهم ، ووقف فيه ساعة ، وعاد ولم يظفر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					