[ ص: 776 ]   321 
ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة 
ذكر حال  عبد الواحد بن المقتدر  ومن معه  
قد ذكرنا هرب  عبد الواحد بن المقتدر  ،  وهارون بن غريب  ،  ومفلح  ،  ومحمد بن ياقوت  ،  وابني رائق  ، بعد قتل  المقتدر  إلى المدائن  ، ثم إنهم انحدروا منها إلى واسط  ، وأقاموا بها ، وخافهم الناس ، فابتدأ  هارون بن غريب  وكتب إلى بغداد  يطلب الأمان ، ويبذل مصادرة ثلاثمائة ألف دينار على أن يطلق له أملاكه ، وينزل عن الأملاك التي استأجرها ، ويؤدي من أملاكه حقوق بيت المال القديمة ، فأجابه  القاهر     (  ومؤنس     ) إلى ذلك ، وكتبا له كتاب أمان وقلد أعمال ماه الكوفة  ، وماسبذان  ومهرجان قذق  ، وسار إلى بغداذ    . 
وخرج  عبد الواحد بن المقتدر  من واسط  فيمن بقي معه ومضوا إلى السوس  وسوق الأهواز  ، وجبوا المال ، وطردوا العمال ، وأقاموا بالأهواز  فجهز  مؤنس  إليهم جيشا كثيفا ، وجعل عليهم  بليقا     . 
وكان الذي حرضهم على إنفاذ الجيش  أبو عبد الله البريدي  ، فإنه كان قد خرج من الحبس فخوفهم عاقبة إهمال  عبد الواحد  ومن معه وبذل مساعدة معجلة خمسين ألف دينار على أن يتولى الأهواز  ، وعند استقراره بتلك البلاد يعجل باقي المال ، وأمر   [ ص: 777 ] مؤنس  بالتجهيز ، وأنفق ذلك المال ، وسار العسكر وفيهم  أبو عبد الله     . 
وكان  محمد بن ياقوت  قد استبد بالأموال والأمر ، فنفرت لذلك قلوب من معه من القواد والجند فلما قرب العسكر من واسط  أظهر من معه من القواد ما في نفوسهم ، وفارقوه ، ولما وصل  بليق  إلى السوس  فارق  عبد الواحد  ومحمد بن ياقوت  الأهواز  وسارا إلى تستر  ، فعمل  القراريطي  ، وكان مع العسكر ، ( بأهل الأهواز    ) ما لم يفعله أحد : نهب أموالهم ، وصادرهم جميعهم ، ولم يسلم منهم أحد . 
ونزل  عبد الواحد  وابن ياقوت  بتستر  ، وفارقهما من معهما من القواد إلى  بليق  بأمان وبقي مفلح وسرور الخادم مع  عبد الواحد  ، فقالا  لمحمد بن ياقوت     : أنت معتصم بهذه المدينة ، وبمالك ورجالك ، ونحن فلا مال معنا ، ولا رجال ، ومقامنا معك يضرك ، ولا ينفعك ، وقد عزمنا على أخذ الأمان لنا  ولعبد الواحد بن المقتدر  ، فأذن لهما في ذلك فكتبا إلى بليق فأمنهم ، فعبروا إليه ، وبقي  محمد بن ياقوت  منفردا ، فضعفت نفسه ، وتحير ، فتراسل هو  وبليق  ، واستقر بينهما أنه يخرج إلى  بليق  على شرط أنه يؤمنه ، ويضمن له أمان  مؤنس  والقاهر  ، ففعل ذلك وحلف له ، وخرج  محمد بن ياقوت  معه إلى بغداذ    . 
واستولى  أبو عبد الله البريدي  على البلاد ، وعسف أهلها ، وأخذ أموال التجار وعمل بأهل البلاد ما لا يعمله الفرنج ، ولم يمنعه أحد عما يريد ، ولم يكن عنده من الدين ما يزعه عن ذلك ، وعاد إخوته إلى أعمالهم ، ولما عاد  عبد الواحد  ومحمد بن ياقوت  وفى لهم  القاهر  ، وأطلق  لعبد الواحد   [ ص: 778 ] أملاكه ، وترك لوالدته المصادرة التي صادرها بها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					