[ ص: 260 ] 355
ثم دخلت سنة خمس وخمسين وثلاثمائة
ذكر بعمان واستيلاء معز الدولة عليه ما تجدد
قد ذكرنا في السنة التي قبل هذه خبر عمان ودخول القرامطة إليها ، وهرب نافع عنها ، فلما هرب نافع ، واستولى القرامطة على البلد ، كان معهم كاتب يعرف بعلي بن أحمد ينظر في أمر البلد ، وكان بعمان قاض له عشيرة وجاه ، فاتفق هو وأهل البلد أن ينصبوا في الإمرة رجلا يعرف بابن طغان ، وكان من صغار القواد بعمان ، وأدناهم مرتبة ، فلما استقر ( في الإمرة ) خاف ممن فوقه من القواد ، فقبض على ثمانين قائدا ، فقتل بعضهم ، وغرق بعضهم .
وقدم البلد ابنا أخت لرجل ممن قد غرقهم ، فأقاما مدة ، ثم إنهما دخلا على طغان يوما من أيام السلام ، فسلما عليه ، فلما تقوض المجلس قتلاه ، فاجتمع رأي الناس على تأمير عبد الوهاب بن أحمد بن مروان ، وهو من أقارب القاضي ، فولي الإمارة بعد امتناع منه ، واستكتب علي بن أحمد الذي كان مع الهجريين ، فأمر عبد الوهاب كاتبه عليا أن يعطي الجند أرزاقهم صلة ، ففعل ذلك ، فلما انتهى إلى الزنج ، وكانوا ستة آلاف رجل ، ( ولهم بأس وشدة ) ، قال لهم علي : إن الأمير عبد الوهاب أمرني أن أعطي البيض من الجند كذا وكذا ، ( وأمر لكم بنصف ) ذلك ، فاضطربوا وامتنعوا ، فقال لهم : هل لكم أن تبايعوني فأعطيكم مثل سائر الأجناد ؟ فأجابوه إلى ذلك ، وبايعوه ، وأعطاهم [ ص: 261 ] مثل البيض من الجند ، فامتنع البيض من ذلك ، ووقع بينهم حرب ، فظهر الزنج عليهم ، فسكنوا ، واتفقوا مع الزنج وأخرجوا عبد الوهاب من البلد ، فاستقر في الإمارة علي بن أحمد .
ثم إن معز الدولة سار إلى واسط لحرب ، ولإرسال جيش إلى عمران بن شاهين عمان ، فلما وصل إلى واسط قدم عليه نافع الأسود الذي كان صاحب عمان ، فأحسن إليه ، وأقام للفراغ من أمر ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى . عمران بن شاهين
وانحدر من واسط إلى الأبلة ، في شهر رمضان ، فأقام بها يجهز الجيش والمراكب ليسيروا إلى عمان ، ففرغ منه ، وساروا منتصف شوال ، واستعمل عليهم ، وكانوا في مائة قطعة ، فلما كانوا أبا الفرج محمد بن العباس بن فسانجس بسيراف انضم إليهم الجيش الذي جهزه عضد الدولة من فارس نجدة لعمه معز الدولة ، فاجتمعوا وساروا إلى عمان ، ودخلها تاسع ذي الحجة ، وخطب لمعز الدولة فيها ، وقتل من أهلها مقتلة عظيمة ، وأحرقت مراكبهم ، وهي تسعة وثمانون مركبا .