[ ص: 115 ]   446 
ثم دخلت سنة ست وأربعين وأربعمائة 
ذكر فتنة الأتراك  ببغداذ   
في هذه السنة في المحرم كانت فتنة الأتراك  ببغداذ    . 
وكان سببها أنهم تخلف لهم على الوزير الذي للملك الرحيم مبلغ كثير من رسومهم ، فطالبوه وألحوا عليه ، فاختفى في دار الخلافة ، فحضر الأتراك  بالديوان وطالبوه ، وشكوا ما يلقونه منه من المطال بمالهم ، فلم يجابوا إلى إظهاره ، فعدلوا عن الشكوى منه إلى الشكوى من الديوان ، وقالوا :  إن أرباب المعاملات قد سكنوا بالحريم ، وأخذوا اأموال ، وإذا طلبناهم بها يمتنعون بالمقام بالحريم ، وانتصب الوزير والخليفة لمنعنا عنهم ، وقد هلكنا . 
فتردد الخطاب منهم والجواب عنه ، فقاموا نافرين ، فلما كان الغد ظهر الخبر أنهم على عزم حصر دار الخلافة ، فانزعج الناس لذلك ، وأخفوا أموالهم ، وحضر   البساسيري  دار الخلافة ، وتوصل إلى معرفة خبر الوزير ، فلم يظهر له على خبر ، فطلب من داره ودور من يتهم به ، وكبست الدور فلم يظهروا له على خبر . 
وركب جماعة من الأتراك  إلى دار الروم  فنهبوها ، وأحرقوا البيع والقلايات ، ونهبوا فيها دار  أبي الحسن بن عبيد وزير البساسيري     . 
وقام أهل نهر المعلى  وباب الأزج  وغيرهما من المحال في منافذ الدروب - لمنع الأتراك  ، وانخرق الأمر ، ونهب الأتراك  كل من ورد إلى بغداذ  ، ( فغلت الأسعار ) ،   [ ص: 116 ] وعدمت الأقوات ، وأرسل إليهم الخليفة ينهاهم ، فلم ينتهوا ، فأظهر أنه يريد الانتقال عن بغداذ  ، فلم يزجروا . 
هذا جميعه   والبساسيري  غير راض بفعلهم ، وهو مقيم بدار الخليفة .  وتردد الأمر إلى أن ظهر الوزير ، وقام لهم بالباقي من مالهم من ماله وأثمان دوابه وغيرها ، ولم زالوا في خبط وعسف ، فعاد طمع الأكراد  والأعراب  أشد منه أولا ، وعاودوا الغارة والنهب والقتل ، فخربت البلاد وتفرق أهلها . 
وانحدر أصحاب  قريش بن بدران  من الموصل  طامعين ، فكبسوا حلل  كامل بن محمد بن المسيب  ، وهي بالبردان  ، فنهبوها ، وبها دواب وجمال بخاتي   للبساسيري  ، فأخذوا الجميع ، ووصل الخبر إلى بغداذ  ، فازداد خوف الناس من العامة والأتراك  ، وعظم انحلال أمر السلطنة بالكلية ، وهذا من ضرر الخلاف . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					