[ ص: 228 ]   464 
ثم دخلت سنة أربع وستين وأربعمائة . 
ذكر ولاية  سعد الدولة كوهرائين  شحنكية بغداذ     . 
في ربيع الأول من هذه السنة ورد  إيتكين السليماني  شحنة بغداذ  من عند السلطان إلى بغداذ  ، فقصد دار الخلافة ، وسأل العفو عنه ، وأقام أياما ، فلم يجب إلى ذلك . 
وكان سبب غضب الخليفة عليه أنه قد استخلف ابنه عند مسيره إلى السلطان ، وجعل شحنة ببغداد  ، فقتل أحد المماليك الدارية ، فأنفذ قميصه من الديوان إلى السلطان ، ووقع الخطاب في عزله . 
وكان  نظام الملك  يعنى  بالسليماني  ، فأضاف إلى إقطاعه تكريت  ، فكوتب واليها ، من ديوان الخلافة ، بالتوقف عن تسليمها ، فلما رأى  نظام الملك  والسلطان إصرار الخليفة على الاستقالة من ولايته شحنكية بغداذ  ، سير  سعد الدولة كوهرائين  إلى بغداذ  شحنة ، وعزل  السليماني  عنها ، اتباعا لما أمر به الخليفة   القائم بأمر الله  ، ولما ورد  سعد الدولة  خرج الناس لتلقيه ، وجلس له الخليفة . 
ذكر تزويج ولي العهد بابنة السلطان   . 
في هذه السنة أرسل  الإمام القائم بأمر الله  عميد الدولة بن جهير  ، ومعه الخلع للسلطان ولولده  ملكشاه  ، وكان السلطان قد أرسل يطلب من الخليفة أن يأذن في أن يجعل ولده  ملكشاه  ولي عهده ، فأذن ، وسيرت له الخلع مع  عميد الدولة  ، وأمر  عميد الدولة  أن يخطب ابنة  السلطان ألب أرسلان  من  سفري خاتون  لولي العهد   المقتدي بأمر الله  ، فلما حضر عند السلطان خطب ابنته ، فأجيب إلى ذلك . 
 [ ص: 229 ] وعقد النكاح بظاهر نيسابور  ، وكان  عميد الدولة  الوكيل في قبول النكاح ،  ونظام الملك  الوكيل من جهة السلطان في العقد ، وكان النثار جواهر ، وعاد  عميد الدولة  من عند السلطان إلى  ملكشاه  ، وكان ببلاد فارس  ، فلقيه بأصبهان  ، فأفاض عليه الخلع ، فلبسها وسار إلى والده ، وعاد  عميد الدولة  إلى بغداذ  ، فدخلها في ذي الحجة . 
ذكر ولاية  أبي الحسن بن عمار  طرابلس     . 
في هذه السنة ، في رجب ، توفي  القاضي أبو طالب بن عمار  ، قاضي طرابلس  ، وكان قد استولى عليها ، واستبد بالأمر فيها ، فلما توفي قام مكانه ابن أخيه  جلال الملك أبو الحسن بن عمار  ، فضبط البلد أحسن ضبط ، ولم يظهر لفقد عمه أثر لكفايته . 
ذكر ملك  السلطان ألب أرسلان  قلعة  فضلون  بفارس     . 
في هذه السنة سير  السلطان ألب أرسلان  وزيره  نظام الملك  في عسكر إلى بلاد فارس  ، وكان بها حصن من أمنع الحصون والمعاقل ، وفيه صاحبه  فضلون  ، وهو لا يعطي الطاعة ، فنازله وحصره ، ودعاه إلى طاعة السلطان فامتنع ، فقاتله فلم يبلغ بقتاله غرضا لعلو الحصن وارتفاعه ، فلم يطل مقامهم عليه حتى نادى أهل القلعة الأمان ليسلموا الحصن إليه ، فعجب الناس من ذلك . 
وكان السبب فيه أن جميع الآبار التي بالقلعة غارت مياهها في ليلة واحدة فقادتهم ضرورة العطش إلى التسليم ، فلما طلبوا الأمان أمنهم  نظام الملك  ، وتسلم   [ ص: 230 ] الحصن ، والتجأ  فضلون  إلى قلة القلعة ، وهي أعلى موضع فيها ، وفيه بناء مرتفع ، فاحتمى فيها ، فسير  نظام الملك  طائفة من العسكر إلى الموضع الذي فيه أهل  فضلون  وأقاربه ليحملوهم إليه وينهبوا مالهم ، فسمع  فضلون  الخبر ، ففارق موضعه مستخفيا فيمن عنده من الجند ، وسار ليمنع عن أهله ، فاستقبلته طلائع  نظام الملك  ، فخافهم ، فتفرق من معه ، واختفى في نبات الأرض ، فوقع فيه بعض العسكر ، فأخذه أسيرا ، وحمله إلى  نظام الملك  ، فأخذه وسار به إلى السلطان فأمنه وأطلقه . 
ذكر عدة حوادث   . 
في هذه السنة توفي  القاضي أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الصمد بن المهتدي بالله  الخطيب بجامع  المنصور  ، وكان قد أضر ، ومولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، وكان إليه قضاء واسط  ، وخليفته عليها  أبو محمد بن السمان     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					