ذكر بني النضير إجلاء
وكان سبب ذلك أن عامر بن الطفيل أرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلب دية العامريين اللذين قتلهما ، وقد ذكرنا ذلك . عمرو بن أمية
فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير يستعينهم فيها ، ومعه جماعة من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي ، فقالوا : نعم نعينك على ما أحببت ، ثم خلا بعضهم ببعض وتآمروا على قتله ، وهو جالس إلى جنب جدار ، فقالوا : من يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله ويريحنا منه ؟ فانتدب له عمرو بن جحاش ، فنهاهم عن ذلك سلام بن مشكم وقال : هو يعلم . فلم يقبلوا منه ، وصعد عمرو بن جحاش ، فأتى الخبر من السماء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما عزموا عليه ، فقام وقال لأصحابه : لا تبرحوا حتى آتيكم .
وخرج راجعا إلى المدينة ، فلما أبطأ قام أصحابه في طلبه ، فأخبرهم الخبر وأمر المسلمين بحربهم ، ونزل بهم ، فتحصنوا منه في الحصون ، فقطع النخل وأحرق ، وأرسل [ ص: 61 ] إليهم عبد الله بن أبي وجماعة معه : أن اثبتوا وتمنعوا ، فإنا لن نسلمكم ، وإن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن خرجتم خرجنا معكم .
وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من الأموال إلا السلاح ، فأجابهم إلى ذلك ، فخرجوا إلى خيبر ، ومنهم من سار إلى الشام ، فكان ممن سار إلى خيبر كنانة بن الربيع وحيي بن أخطب ، وكان فيهم يومئذ أم عمرو صاحبة عروة بن الورد التي ابتاعوا منه ، وكانت غفارية .
فكانت أموال النضير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده يضعها حيث شاء ، فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار ، إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقرا فأعطاهما . ولم يسلم من بني النضير إلا يامين بن عمير بن كعب ، وهو ابن عم عمرو بن جحاش ، وأبو سعيد بن وهب ، وأحرزا أموالهما .
واستخلف على المدينة ، وكانت رايته مع ابن أم مكتوم . علي بن أبي طالب
( سلام بتشديد اللام . ومشكم بكسر الميم ، وسكون الشين المعجمة ، والكاف ) .