غزوة ذات الرقاع
أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعد بني النضير شهري ربيع ، ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان ، حتى نزل نخلا ، وهي غزوة الرقاع ، سميت بذلك لأجل جبل كانت الوقعة به ، فيه سواد وبياض وحمرة ، فاستخلف على المدينة ، فلقي المشركين ولم يكن قتال ، وخاف الناس بعضهم بعضا ، فنزلت عثمان بن عفان ، وقد اختلف الرواة في صلاة الخوف ، وهو مستقصى في كتب الفقه . صلاة الخوف
وجاء رجل من محارب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب منه أن ينظر إلى سيفه ، فأعطاه السيف ، فلما أخذه وهزه قال : يا محمد ، أما تخافني ؟ قال : لا . قال : أما تخافني وفي [ ص: 62 ] يدي السيف ؟ قال : لا ، يمنعني الله منك ، فرد السيف إليه .
وأصاب المسلمون امرأة منهم ، وكان زوجها غائبا ، فلما أتى أهله أخبر الخبر ، فحلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دما ، وخرج يتبع أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من يحرسنا الليلة ؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار ، فأقاما بفم شعب نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضطجع المهاجري ، وحرس الأنصاري أول الليل وقام يصلي ، وجاء زوج المرأة فرأى شخصه ، فعرف أنه ربيئة القوم ، فرماه بسهم فوضعه فيه ، فانتزعه وثبت قائما يصلي ، ثم رماه بسهم آخر فأصابه ، فنزعه وثبت يصلي ، ثم رماه بالثالث فوضعه فيه ، فانتزعه ثم ركع وسجد ، ثم أيقظ صاحبه وأعلمه ، فوثب ، فلما رآهما الرجل علم أنهما علما به ، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري قال : سبحان الله ! ألا أيقظتني أول ما رماك ؟ قال : كنت في سورة أقرأها ، فلم أحب أن أقطعها ، فلما تابع علي الرمي أعلمتك ، وايم الله لولا خوفي أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها .
وقيل : إن هذه الغزوة كانت في المحرم سنة خمس من الهجرة .