[ ص: 124 ]   ( 537 ) 
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وخمسمائة 
ذكر ملك  أتابك زنكي  قلعة آشب  وغيرها من الهكارية   
في هذه السنة أرسل  أتابك زنكي  جيشا إلى قلعة آشب  ، وكانت أعظم حصون الأكراد الهكارية  وأمنعها ، وبها أموالهم وأهلهم ، فحصروها وضيقوا على من بها فملكوها ، فأمر بإخرابها وبناء القلعة المعروفة بالعمادية عوضا عنها ، وكانت هذه العمادية حصنا عظيما من حصونهم ، فخربوه لكبره لأنه كبير جدا ، وكانوا يعجزون عن حفظه ، فخربت الآن آشب ، وعمرت العمادية ، وإنما سميت العمادية نسبة إلى لقبه ، وكان  نصير الدين جقر  نائبه بالموصل  قد فتح أكثر القلاع الجبلية . 
ذكر حصر الفرنج طرابلس الغرب   
وفي هذه السنة سارت مراكب الفرنج  من صقلية  إلى طرابلس الغرب  فحصروها ، وسبب ذلك أن أهلها في أيام الأمير  الحسن  صاحب إفريقية  ، لم يدخلوا يدا في طاعته ، ولم يزالوا مخالفين مشاقين له ، قد قدموا عليهم من بني مطروح  مشايخ يدبرون أمرهم ، فلما رآهم ملك صقلية  كذلك جهز إليهم في البحر ، فوصلوا إليهم تاسع ذي الحجة ، فنازلوا البلد وقاتلوه ، وعلقوا الكلاليب في سوره ، ونقبوه . 
فلما كان الغد وصل جماعة من العرب نجدة لأهل البلد ، فقوي أهل طرابلس   [ ص: 125 ] بهم ، فخرجوا إلى الأسطولية ، فحملوا عليهم حملة منكرة ، فانهزموا هزيمة فاحشة ، وقتل منهم خلق كثير ، ولحق الباقون بالأسطول وتركوا الأسلحة والأثقال والدواب ، فنهبها العرب وأهل البلد . 
ورجع الفرنج إلى صقلية  ، فجددوا أسلحتهم ، وعادوا إلى المغرب  ، فوصلوا إلى جيجل  ، فلما رآهم أهل البلد هربوا منه إلى البراري والجبال ، فدخلها الفرنج  وسبوا من أدركوا فيها ، وهدموها وأحرقوا القصر الذي بناه  يحيى بن العزيز بن حماد  للنزهة ، ثم عادوا . 
ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة خرج  حسن أمير الأمراء  على  السلطان سنجر  بخراسان    .  
وفيها توفي  محمد بن دانشمند  صاحب ملطية  والثغر  ، واستولى على بلاده  الملك مسعود بن قلج أرسلان  صاحب قونية  ، وهو من السلجوقية    . 
وفيها خرج من الروم  عسكر كثير إلى الشام  ، فحصروا الفرنج بأنطاكية  ، فخرج صاحبها واجتمع بملك الروم  ، وأصلح حاله معه ، وعاد إلى مدينة أنطاكية  ، ومات في رمضان من هذه السنة ، ثم إن ملك الروم  بعد أن صالح صاحب أنطاكية  سار إلى طرابلس  ، فحصرها ثم سار عنها . 
وفيها قبض  السلطان مسعود  على  الأمير ترشك  وهو من خواص الخليفة ، وممن ربي عنده وفي داره ، فساء ذلك الخليفة ، ثم أطلقه السلطان حفظا لقلب الخليفة . 
وفيها كان بمصر  وباء عظيم ، فهلك فيه أكثر أهل البلاد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					