[ ص: 212 ]   ( 549 ) 
ثم دخلت سنة تسع وأربعين وخمسمائة 
ذكر قتل  الظافر  وخلافة ابنه  الفائز   
في هذه السنة في المحرم ، قتل  الظافر بالله أبو المنصور إسماعيل ابن الحافظ لدين الله عبد المجيد العلوي  صاحب مصر    . 
وكان سبب قتله أن وزيره  عباسا  كان له ولد اسمه  نصر  ، فأحبه  الظافر  ، وجعله من ندمائه وأحبابه الذين لا يقدر على فراقهم ساعة واحدة ، فاتفق أن قدم من الشام  مؤيد الدولة الأمير   أسامة بن منقذ الكناني  في وزارة   ابن السلار  ، واتصل  بعباس  ، فحسن له قتل   العادل بن السلار  زوج أمه ، فقتله ، وولاه  الظافر  الوزارة ، فاستبد بالأمر ، وتم له ذلك . 
وعلم الأمراء والأجناد أن ذلك من فعل  ابن منقذ  ، فعزموا على قتله ، فخلا  بعباس  وقال له : كيف تصبر على ما أسمع من قبيح القول ؟ قال : وما ذلك ؟ قال : الناس يزعمون أن  الظافر  يفعل بابنك  نصر     ; و ( كان )  نصر  خصيصا  بالظافر  ، وكان ملازما له ليله ونهاره ، وكان من أجمل الناس صورة ، وكان الظافر يتهم به ، فانزعج لذلك وعظم عليه ، وقال : كيف الحيلة ؟ قال : تقتله فيذهب عنك العار ، فذكر الحال لولده  نصر  ، فاتفقا على قتله . 
وقيل : إن  الظافر  أقطع  نصر بن عباس  قرية قليوب  ، وهي من أعظم قرى مصر  ، فيدخل إليه  مؤيد الدولة بن منقذ  ، وهو عند أبيه  عباس     . قال له  نصر     : قد أقطعني مولانا قرية قليوب    . فقال له  مؤيد الدولة     : ما هي في مهرك بكثير ; فعظم عليه وعلى أبيه ، وأنف من هذه الحال ، وشرع في قتل  الظافر  بأمر أبيه ، فحضر  نصر  عند  الظافر  وقال   [ ص: 213 ] له : أشتهي أن تجيء إلى داري لدعوة صنعتها ، ولا تكثر من الجمع ، فمشى معه في نفر يسير من الخدم ليلا ، فلما دخل الدار قتله وقتل من معه ، وأفلت خادم صغير اختبأ فلم يروه ، ودفن القتلى في داره . 
وأخبر أباه  عباسا  الخبر ، فبكر إلى القصر ، وطلب من الخدم الخصيصين بخدمة  الظافر  أن يطلبوا له إذنا في الدخول عليه لأمر يريد أن يأخذ رأيه فيه . 
فقالوا : إنه ليس في القصر . فقال : لا بد منه . وكان غرضه أن ينفي التهمة عنه بقتله ، وأن يقتل من بالقصر ممن يخاف أن ينازعه فيمن يقيمه في الخلافة ; فلما ألح عليهم عجزوا عن إحضاره . 
فبينما هم يطلبونه حائرين دهشين لا يدرون ما الخبر إذ وصل إليهم الخادم الصغير الذي شاهد قتله ، وقد هرب من دار  عباس  عند غفلتهم عنه ، وأخبرهم بقتل  الظافر  ، فخرجوا إلى  عباس  ، وقالوا له : سل ولدك عنه فإنه يعرف أين هو ; لأنهما خرجا جميعا . فلما سمع ذلك منهم قال : أريد أن أعتبر القصر لئلا يكون قد اغتاله أحد من أهله ; فاستعرض القصر ، فقتل أخوين  للظافر  ، وهما  يوسف  وجبريل  ، وأجلس   الفائز بنصر الله أبا القاسم عيسى ابن الظافر بأمر الله إسماعيل  ثاني يوم قتل أبوه ، وله من العمر خمس سنين ، فحمله  عباس  على كتفه ، وأجلسه على سرير الملك ، وبايع له الناس ، وأخذ  عباس  من القصر من الأموال والجواهر والأعلاق النفيسة ما أراد ، ولم يترك فيه إلا ما لا خير فيه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					