[ ص: 47 ] 584
ثم دخلت سنة أربع وثمانين وخمسمائة
ذكر صلاح الدين كوكب حصر
في هذه السنة ، وفي المحرم ، انحسر الشتاء ، فسار صلاح الدين من عكا فيمن تخلف عنده من العسكر إلى قلعة كوكب ، فحصرها ، ونازلها ، ظنا منه أن ملكها سهل ، وأن أخذها ، وهو في قلة من العسكر ، متيسر ، فلما رآها عالية منيعة [ أدرك أن ] الوصول إليها متعذر .
وكان عنده منها ومن صفد و الكرك المقيم المقعد ، لأن البلاد الساحلية ، من عكا إلى جهة الجنوب ، كانت قد ملك جميعها ما عدا هذه الحصون ، وكان يختار أن لا يبقى في وسطها ما يشغل قلبه ، ويقسم همه ، ويحتاج إلى حفظه ، ولئلا ينال الرعايا والمجتازين منهم الضرر العظيم .
فلما حصر كوكب ، ورآها منيعة ، يبطئ ملكها وأخذها ، رحل عنها ، وجعل عليها قايماز النجمي مستديما لحصاره . وكان رحيله عنها في ربيع الأول .
وأتاه رسل . الملك قلج أرسلان وقزل أرسلان وغيرهما . يهنئونه بالفتح والظفر ، وسار من كوكب إلى دمشق ، ففرح الناس بقدومه . وكتب إلى البلاد جميعها باجتماع العساكر ، وأقام بها إلى أن سار إلى الساحل .