[ ص: 201 ] ذكر أخبار الردة  
قال   عبد الله بن مسعود     : لقد قمنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقاما كدنا نهلك فيه ، لولا أن الله من علينا  بأبي بكر  ، أجمعنا على أن لا نقاتل على ابنة مخاض وابنة لبون ، وأن نأكل قرى عربية ، ونعبد الله حتى يأتينا اليقين ، فعزم الله  لأبي بكر  على قتالهم ، فوالله ما رضي منهم إلا بالخطة المخزية أو الحرب المجلية ؛ فأما الخطة المخزية أن يقروا بأن من قتل منهم في النار ، ومن قتل منا في الجنة ، وأن يدوا قتلانا ونغنم ما أخذنا منهم ، وأن ما أخذوا منا مردود علينا . وأما الحرب المجلية فأن يخرجوا من ديارهم   . 
وأما أخبار الردة فإنه لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وسير  أبو بكر  جيش  أسامة  ارتدت العرب وتضرمت الأرض نارا ، وارتدت كل قبيلة ، عامة أو خاصة ، إلا قريشا  وثقيفا  ، واستغلظ أمر  مسيلمة  وطليحة  ، واجتمع على  طليحة  عوام طيئ  وأسد  ، وارتدت غطفان  تبعا  لعيينة بن حصن  ، فإنه قال : نبي من الحليفين - يعني أسدا  وغطفان    - أحب إلينا من نبي من قريش  ، وقد مات محمد  وطليحة  حي . فاتبعه وتبعته غطفان    . وقدمت رسل النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمامة  وأسد  وغيرهما وقد مات ، فدفعوا كتبهم  لأبي بكر  ، وأخبروه الخبر عن  مسيلمة  وطليحة  ، فقال : لا تبرحوا حتى تجيء رسل أمرائكم وغيرهم بأدهى مما وصفتم ، فكان كذلك ، وقدمت كتب أمراء النبي - صلى الله عليه وسلم - من كل مكان بانتفاض العرب عامة أو خاصة ، وتسلطهم على المسلمين ، فحاربهم  أبو بكر  بما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحاربهم ؛ بالرسل ، فرد رسلهم بأمره ، وأتبع رسلهم رسلا ، وانتظر بمصادمتهم قدوم  أسامة  ، فكان عمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قضاعة  وكلب    :  امرؤ القيس بن الأصبغ الكلبي  ، وعلى القين :  عمرو بن الحكم  ، وعلى سعد هذيم :  معاوية الوالبي  ، فارتد  وديعة الكلبي  فيمن تبعه ، وبقي  امرؤ القيس  على دينه ، وارتد  زميل بن قطبة القيني  ، وبقي  عمرو  ، وارتد  معاوية  فيمن اتبعه من سعد هذيم ، فكتب  أبو بكر  إلى  امرئ القيس  ، وهو جد  سكينة بنت الحسين  ، فسار بوديعة إلى  عمرو  ، فأقام  لزميل  ، وإلى  معاوية العذري  ، وتوسطت خيل  أسامة  ببلاد قضاعة  ، فشن الغارة فيهم ، فغنموا وعادوا سالمين . 
				
						
						
