ذكر وصولهم إلى دربند شروان  وما فعلوه فيه  
لما عاد التتر  من بلد الكرج  قصدوا دربند شروان  ، فحصروا مدينة شماخي  ، وقاتلوا أهلها ، فصبروا على الحصر ، ثم إن التتر  صعدوا سورها بالسلاليم ، وقيل بل جمعوا كثيرا من الجمال والبقر والغنم وغير ذلك ، ومن قتلى الناس منهم ومن غيرهم ، وألقوا بعضه فوق بعض ، فصار مثل التل ، وصعدوا عليه فأشرفوا على المدينة وقاتلوا أهلها ، فصبروا ، واشتد القتال ثلاثة أيام ، فأشرفوا على أن يؤخذوا ، فقالوا : السيف لا بد منه ، فالصبر أولى بنا نموت كراما . 
فصبروا تلك الليلة ، فأنتنت تلك الجيف وانهضمت ، فلم يبق للتتر  على السور استعلاء ، ولا تسلط على الحرب ، فعاودوا الزحف وملازمة القتال ، فضجر أهلها ، ومسهم التعب والكلال والإعياء ، فضعفوا ، فملك التتر  البلد ، وقتلوا فيه فأكثروا ، ونهبوا الأموال فاحتازوها . 
 [ ص: 354 ] فلما فرغوا منه أرادوا عبور الدربند ، فلم يقدروا على ذلك ، فأرسلوا رسولا إلى  شروان شاه  ملك دربند  شروان  يقولون له : ليرسل إليهم رسولا يسعى بينهم في الصلح . فأرسل عشرة رجال من أعيان أصحابه ، فأخذوا أحدهم فقتلوه ، ثم قالوا للباقين : إن أنتم عرفتمونا طريقا نعبر فيه فلكم الأمان ، وإن لم تفعلوا قتلناكم كما قتلنا هذا فقالوا لهم : إن هذا الدربند  ليس فيه طريق ألبتة ، ولكن فيه موضع هو أسهل ما فيه من الطرق ، فساروا معهم إلى ذلك الطريق ، فعبروا فيه ، وخلفوه وراء ظهورهم . 
				
						
						
