ذكر دومة الجندل خبر
ولما فرغ خالد من عين التمر أتاه كتاب يستمده على من بإزائه من المشركين ، فسار عياض بن غنم خالد إليه ، فكان بإزائه بهراء وكلب وغسان وتنوخ والضجاعم ، وكانت دومة على رئيسين : أكيدر بن عبد الملك ، والجودي بن ربيعة ، فأما أكيدر فلم ير قتال خالد وأشار بصلحه خوفا ، فلم يقبلوا منه ، فخرج عنهم ، وسمع خالد بمسيره فأرسل إلى طريقه فأخذه أسيرا فقتله ، وأخذ ما كان معه ، وسار حتى نزل على أهل دومة الجندل ، فجعلها بينه وبين عياض . فلما اطمأن خالد خرج إليه الجودي في جمع ممن عنده من العرب لقتاله ، وأخرج طائفة أخرى إلى عياض ، فقاتلهم عياض فهزمهم ، فهزم خالد من يليه ، وأخذ الجودي أسيرا وانهزموا إلى الحصن ، فلما امتلأ أغلقوا الباب دون أصحابهم فبقوا حوله ، فأخذهم خالد فقتلهم حتى سد باب الحصن ، وقتل الجودي وقتل الأسرى إلا أسرى كلب ، فإن تميما قالوا لخالد : قد أمناهم ، وكانوا حلفاءهم ، فتركهم . ثم أخذ الحصن قهرا فقتل المقاتلة ، وسبى الذرية والسرح ، فباعهم ، واشترى خالد ابنة الجودي ، وكانت موصوفة .
وأقام خالد بدومة الجندل ، فطمع الأعاجم ، وكاتبهم عرب الجزيرة غضبا لعقة ، فخرج زرمهر وروزبه يريدان الأنبار ، واتعدا حصيدا والخنافس ، فسمع القعقاع بن عمرو ، وهو خليفة خالد على الحيرة ، فأرسل أعبد بن فدكي وأمره بالحصيد ، وأرسل عروة بن الجعد البارقي إلى الخنافس ، فخرجا ، فحالا بينهما وبين الريف ، ورجع خالد إلى الحيرة ، فبلغه ذلك ، وكان عازما على مصادمة أهل المدائن ، فمنعه من ذلك كراهية مخالفة أبي بكر ، فعجل القعقاع بن عمرو وأبا ليلى بن فدكي إلى روزبه وزرمهر ، ووصل إلى خالد أن الهذيل بن عمران قد عسكر بالمصيخ ، فنزل ربيعة بن بجير بالثني وبالبشر غضبا لعقة ، يريدان زرمهر وروزبه ، فخرج خالد وسار إلى القعقاع وأبي ليلى ، فاجتمع بهما بالعين ، فبعث القعقاع إلى حصيد ، وبعث أبا ليلى إلى الخنافس .