ذكر وفاة  أبي ذر   
وفيها مات  أبو ذر  ، وكان قد قال لابنته : استشرفي يا بنية هل ترين أحدا ؟ قالت :   [ ص: 506 ] لا . قال : فما جاءت ساعتي بعد . ثم أمرها فذبحت شاة ثم طبختها ثم قال : إذا جاءك الذين يدفنونني فإنه سيشهدني قوم صالحون فقولي لهم : يقسم عليكم  أبو ذر  أن لا تركبوا حتى تأكلوا . فلما نضجت قدرها قال لها : انظري هل ترين أحدا ؟ قالت : نعم هؤلاء ركب . قال : استقبلي بي الكعبة  ، ففعلت . فقال : بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم مات ، فخرجت ابنته فتلقتهم وقالت : رحمكم الله ! اشهدوا  أبا ذر     . قالوا : وأين هو ؟ فأشارت إليه ، قالوا : نعم ونعمة عين ! لقد أكرمنا الله بذلك . وكان فيهم   ابن مسعود  فبكى وقال : صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يموت وحده ويبعث وحده   . فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه . وقالت لهم ابنته : إن  أبا ذر  يقرأ عليكم السلام ، وأقسم عليكم أن لا تركبوا حتى تأكلوا ، ففعلوا وحملوا أهله معهم حتى أقدموهم مكة  ونعوه إلى  عثمان  ، فضم ابنته إلى عياله وقال : يرحم الله  أبا ذر  ويغفر له نزوله الربذة . 
 ولما حضروا شموا من الخباء ريح مسك فسألوها عنه فقالت : إنه لما حضر قال : إن الميت يحضره شهود يجدون الريح لا يأكلون ، فدوفي مسكا لهم بماء ورشي به الخباء   . 
وكان النفر الذين شهدوه    :   ابن مسعود  ،  وأبا مفرز  ،  وبكر بن عبد الله التميميين  ،   والأسود بن يزيد  ،   وعلقمة بن قيس  ،   ومالك الأشتر  النخعيين  ،  والحلحال الضبي  ،   والحارث بن سويد التميمي  ،  وعمرو بن عتبة السلمي  ،  وابن ربيعة السلمي  ،  وأبا رافع المزني  ،  وسويد بن شعبة التميمي  ،  وزياد بن معاوية النخعي  ، وأخا  القرثع الضبي  ، وأخا  معضد الشيباني     . وقيل : كان موته سنة إحدى وثلاثين . 
 [ ص: 507 ] وقيل : إن   ابن مسعود  لم يحمل أهل  أبي ذر  معه إنما تركهم حتى قدم على  عثمان  بمكة  فأعلمه بموته ، فجعل  عثمان  طريقه عليهم فحملهم معه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					