ذكر قارن خروج
ثم جمع قارن جمعا كثيرا من ناحية الطبسين وأهل باذغيس وهراة وقوهستان وأقبل في أربعين ألفا ، فقال قيس لابن خازم : ما ترى ؟ قال : أرى أن تخلي البلاد ، فإني أميرها ومعي عهد من ابن عامر إذا كانت حرب بخراسان فأنا أميرها ، وأخرج كتابا كان قد افتعله عمدا ، فكره قيس منازعته وخلاه والبلاد ، وأقبل إلى ابن عامر ، فلامه ابن عامر وقال : قد تركت البلاد خرابا وأقبلت ! قال : جاءني بعهد منك . قال : فسار ابن خازم إلى قارن في أربعة آلاف ، وأمر الناس فحملوا الودك ، فلما قرب من قارن أمر الناس أن يدرج كل رجل منهم على زج رمحه خرقة أو قطنا ، ثم يكثروا دهنه ، ثم سار حتى أمسى ، فقدم مقدمته ستمائة ثم اتبعهم ، وأمر الناس فأشعلوا النيران في أطراف الرماح ، فانتهت مقدمته إلى معسكر قارن نصف الليل فناوشوهم ، وهاج الناس على دهش وكانوا آمنين من البيات ، ودنا ابن خازم منهم فرأوا النيران يمنة ويسرة تتقدم وتتأخر وتنخفض وترتفع ، فهالهم ذلك ، ومقدمة ابن خازم يقاتلونهم ، ثم غشيهم ابن خازم بالمسلمين فقتل قارن ، فانهزم المشركون واتبعوهم يقتلونهم كيف شاءوا ، وأصابوا سبيا كثيرا . وكتب ابن خازم بالفتح إلى ابن عامر ، فرضي وأقره على خراسان ، فلبث عليها حتى انقضى أمر الجمل ، وأقبل إلى البصرة فشهد وقعة ابن الحضرمي ، وكان معه في دار سنبيل .
وقيل : لما جمع قارن استشار قيس بن الهيثم عبد الله بن خازم فيما يصنع ، فقال : أرى أنك لا تطيق كثرة من قد أتانا ، فاخرج بنفسك إلى ابن عامر فتخبره بكثرة العدو ، ونقيم نحن في الحصون ونطاولهم ويأتينا مددكم . فخرج قيس ، فلما أمعن أظهر ابن خازم عهدا وقال : قد ولاني ابن عامر خراسان ، فسار إلى قارن فظفر به وكتب بالفتح إلى ابن عامر فأقره على خراسان ، ولم يزل أهل البصرة يغزون من لم يكن صالح من أهل خراسان ، فإذا عادوا تركوا أربعة آلاف نجدة .
[ ص: 508 ] ذكر عدة حوادث
[ الوفيات ]
وفي هذه السنة العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان عمره يوم مات ثمانيا وثمانين [ ص: 509 ] سنة ، كان أسن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث سنين . وفيها مات مات وعمره خمس وسبعون سنة . عبد الرحمن بن عوف وصلى عليه وعبد الله بن مسعود ، وقيل [ ص: 510 ] عمار بن ياسر عثمان . وتوفي الذي أري الأذان . عبد الله بن زيد بن عبد ربه