ذكر أهل البصرة إلى الشام تسيير من سير من
ولما مضت ثلاث سنين من إمارة بلغه أن [ في عبد الله بن عامر عبد القيس ] رجلا [ ص: 517 ] نازلا على وكان حكيم بن جبلة العبدي ، عبد الله بن سبأ ، المعروف بابن السوداء ، هو الرجل النازل عليه ، واجتمع إليه نفر فطرح إليهم ابن السوداء ولم يصرح ، فقبلوا منه ، فأرسل إليه ابن عامر فسأله : من أنت ؟ فقال رجل من أهل الكتاب : رغبت في الإسلام وفي جوارك . فقال : ما يبلغني ذلك ، اخرج عني . فخرج حتى أتى الكوفة فأخرج منها ، فقصد مصر فاستقر بها وجعل يكاتبهم ويكاتبونه وتختلف الرجال بينهم .
وكان قد تزوج امرأة في عدتها ففرق حمران بن أبان عثمان بينهما وضربه وسيره إلى البصرة ، فلزم ابن عامر ، فتذاكروا يوما المرور ، فقال بعامر بن عبد القيس حمران : ألا أسبقكم فأخبره ؟ فخرج فدخل عليه وهو يقرأ في المصحف فقال : الأمير يريد المرور بك فأحببت أن أعلمك ، فلم يقطع قراءته ، فقام من عنده ، فلما انتهى إلى الباب لقيه ابن عامر فقال : [ جئتك ] من عند امرئ لا يرى لآل إبراهيم عليه فضلا ، ودخل عليه ابن عامر فأطبق المصحف وحدثه ، فقال له ابن عامر : ألا تغشانا ؟ فقال : سعد بن أبي القرحاء يحب الشرف . فقال : ألا نستعملك ؟ فقال : حصين بن الحر يحب العمل . فقال : ألا نزوجك ؟ فقال : ربيعة بن عسل يعجبه النساء . فقال : إن هذا يزعم أنك لا ترى لآل إبراهيم عليك فضلا ! فتصفح المصحف ، فكان أول ما وقع عليه : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) .
فسعى به حمران ، وأقام حمران بالبصرة ما شاء الله ، وأذن له عثمان فقدم المدينة ومعه قوم ، فسعوا أنه لا يرى التزويج ولا يأكل اللحم ولا يشهد الجمعة ، فألحقه بعامر بن عبد القيس بمعاوية ، فلما قدم عليه رأى عنده ثريدا ، فأكل أكلا عربيا ، فعرف أن الرجل مكذوب عليه ، فعرفه معاوية سبب إخراجه ، فقال : أما الجمعة فإني أشهدها في مؤخر المجلس ثم أرجع في أوائل الناس ، وأما التزويج فإني خرجت وأنا يخطب علي ، وأما اللحم فقد رأيت ولكني لا آكل ذبائح القصابين منذ رأيت قصابا يجر شاة إلى مذبحها ، ثم وضع السكين على حلقها فما زال يقول : النفاق النفاق ، حتى ذبحها . قال : فارجع . قال : لا أرجع إلى بلد استحل أهله مني ما استحلوا ، ( فكان يكون ) في السواحل ، فكان يلقى معاوية فيكثر معاوية أن يقول : ما حاجتك ؟ فيقول : لا حاجة لي . فلما أكثر [ ص: 518 ] عليه قال : ترد علي من حر البصرة شيئا لعل الصوم أن يشتد علي فإنه يخف علي في بلادكم .
ذكر عدة حوادث
عثمان .
[ الوفيات ] وحج بالناس
وفيها المعروف المقداد بن عمرو صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمقداد بن الأسود وأوصى أن يصلي عليه مات الزبير . وفيها توفي الطفيل والحصين ابنا الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، وشهدا بدرا وأحدا ، ( وقيل : ماتا سنة إحدى وثلاثين ، وقيل اثنتين وثلاثين ) .